المقالات

المستقلون؛ تسمع بالمعيدي ولا تراه..!


  عمار محمد طيب العراقي  ||   في محاولة لفهم معنى الاستقلالية السياسية؛ نتوصل الى أنها تعني الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، غير أن افضل فهم عقلائي لمعنى الاستقلالية،  هي أن يقف المستقل مع الحق بالقراءة والدليل، بشرط ألا يكن منتفعا من احد، فلو كان منتفعا من أحد سقطت عنه صفة الاستقلالية، وليس المستقل هو الذي لا ينتمي إلى هذا الحزب أو ذاك التنظيم؛ أو هذه الفكرة أو تلك فقط، بل إن الاستقلالية مفهوم عميق وشمولي تتحرى الدقة والحقيقة، في كل الأفكار والأطر والقوى والمدارس والأيديولوجيات. فالمستقل لا يحتاج شهادة من احد ولا يعنيه تقييم احد، بل ما يعنيه هو تبني قضايا الجماهير المظلومة والدفاع عنها، وتعرية المتربصين والمنتفعين والمتسلقين الذين أمسوا أبواقا، تهتف بحياة هذا الحزب، وتحمد لذاك الزعيم وتقدس له، فصاروا ضميرا للحزب والحاكم، وارتدوا عباءات الوطنية والتقدمية والحداثة كذبا،والميدان يشهد على ذلك بكل تفاعلاته ومعادلاته ونتائجه، والأمثلة هنا أكثر من أن تحصى لمن علم أبجديات العمل السياسي. المستقل الحقيقي هو ذلك الإنسان المستنير، والمثقف، والسياسي، والمتواضع، الذي يُقر بأنه أخطأ هنا وأصاب هناك، على عكس غيره من المغالين، الذين شهدت التجارب بفشلهم الذريع، المستقل يكافح ضد تزييف الوعي، وقلب الحقائق، وتشويه الواقع، هو الذي يتناول كافة قضايا الأمة ولا يقف عند هذه القضية أو تلك، هو ذلك الإنسان الشفاف الراقي الذي يسمو بوعيه عن كل دناءة فلا يباع ولا يُشترى، هو الذي لا يرضى عنه احد لأنه ليس في جيب احد، وهو صاحب القلم الحر، يكتب وينطق ولا يخشى أحدا. الفكر كالهواء لا حيز ولا حصر له، وأن الحقيقة ليست حكرا على أحد من تلك القوى والأحزاب، مهما علا أو دنا شأنها، والتاريخ علمنا أن ما يصلح اليوم ربما لا يصلح في الغد، وأن ما كان يصلح بالأمس ربما لا يصلح اليوم، فالعالم يتقدم ويتغير بسرعة كبيرة ولا مجال فيه للجمود والتيبس، ولكل ظرف خصوصيته. هذه المقدمة ضرورية كي ننطلق نحو فكرتنا، من عقيدة  وإيمان أن المستقل داعي وحدة لا داعي تفرقة، وأنه أداة بناء لا معول هدم، يزأر بالحق ولا يخشى أحدا، يضع أصبعه على الداء ويشخصه، يحمل هموم شعبه وقضيته، يقول كلمته بنزاهة وأمانة من دون أن يكون عبدا لأحد. المستقلون وإن كان تحديدهم صعب جدا، باتوا اليوم لاعب سياسي جديد وقوي في الساحة السياسية العراقية، ومن المؤكد ان مجلس النواب العراقي القادم، سيجد نفسه مزهوا بوجود عدد من هؤلاء يحتلون مقاعده،  وقد حاز فوز الجماعات المستقلة على إشادة واسعة بوصفه علامة فارقة في مكافحة نفوذ الأحزاب السياسية التقليدية..الأمر الذي يدفع الى أن يصنعوا لأنفسهم فهما أفضل للسياسات والاستراتيجيات التي يجب أن ينتهجوها وعم يخوضون في غمار أمر لم يكونوا لينالونه، لولا القانون الإنتخابي الجديد النافذ، الذي كسر أجنحة القوى السياسية التقليدية، وبدا وكأنه مفصل على مقاس المستقلين. لكي يعزز المستقلين مواقعهم فإنهم بحاجة الى تنظيم أنفسهم، لأن بقائهم متفرقين سيجعلهم لقمة سائغة في افواه القوى الكبرى، وسيفقدون عاجلا وليس آجلا صفة الإستقلالية التي ينعمون بشرفها.. تنظيم أنفسهم يجب أن يبدأ بأن يجتمعوا على كلمة سواء، يمتلكون من خلال صناعتها القول الفصل والمؤثر في قادم الأيام، على الرغم من قلة عددهم.. أول أطروحات ضبط حال المستقلين، هو أن يكونوا كتلة برلمانية خاصة بهم، أول فوائدها هي ان الشعب سيعرف من هم المستقلين، وثانيها أن يكونوا قوة تفاوضية في قضايا تشريع القوانين، أو تبوء المراكز التنفيذية في الحكومة القادمة.. أذا بقي المستقلين على وضعهم الراهن دون تنظيم، سيكونوا  كالمُعَيدي..و"تسمع بالمُعَيدي خير من أن  تراه"؛ وقصته أن رجلاً من بني تميم، يقال له: ضَمُرة كان يُغِير على مسالح «حمى» النعمان بن المنذر، حتى إذا عِيل صبر النعمان كتب إليه: أن أدخل في طاعتي، ولك مائة من الإبل، فقبلها وأتاه، فلما نظر إليه ازدراه، وكان ضمرة دميماً، فقال: «تسمع بالمعيدي لا أن تراه»؛ فقال ضمرة: مهلاً أيها الملك، إن الرجال لا يكالون بالصيعان، وإنما بأصغريه، قلبه ولسانه، إن قاتل قاتل بجنان، وإن نطق نطق ببيان. قال: صدقت لله درك .....». شكرا 16/10/2021
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك