حافظ آل بشارة ||
في الحملة الانتخابية التي لم يتبق لها الا يوم واحد ترى المتنافسين الشيعة يلوذون بالصمت ، هؤلاء القوم توحدهم الشعارات والبيئة الانتخابية وتفرقهم الطموحات ، لم تشتعل مواقع التواصل ، لم تحدث هجمات متبادلة بين المتنافسين ، لم تحدث صدمات ولا مفاجآت انتخابية ، لماذا :
1- اغلب التحالفات الشيعية قررت التوقف عن استخدام اسلوب مهاجمة المنافس وتعريته وفضحه ، لأن ذلك يعمق بغض الناس لكل الاطراف ، وهم بالاصل متهمون بالفساد والفشل ، واغلبهم قيل لهم ارحلوا.
2- اتضح عمليا ان الهجمات الاعلامية لم تأت بنتائج في الدورات السابقة ، بل ربما تضع الضحية في موضع التعاطف فتكون النتائج معكوسة.
3- الاعلام الالكتروني فقد مصداقيته في كافة الاوساط ، وتحول الى مكب نفايات كما يقال ، خاصة عندما يستخدم للهجمات المتقابلة ، واصبح كل ما يمكن تداوله في المواقع والصفحات يشير الى الكذب والبهتان .
4- في هذه الانتخابات بالذات اصبح العامل الخارجي اكثر تأثيرا من العوامل الداخلية ، فهناك مفردات متداولة يوميا حول تراجع الهيمنة الامريكية في المنطقة ، وتراجع الغطرسة الصهيونية ، وسعي السعودية الى ترتيب اوراقها مع ايران وانهاء التوتر ، وهذه التحولات تعطي الشيعة قوة دفع اضافية.
5- تحالف الفتح يحظى بمصداقية اكبر من الآخرين لانه يمثل الحشد والمقاومة ، لذلك يمكن ان يحصل على مساندة طهران اكثر من غيره ، اما اصدقاء اميركا والسعودية في الوسط الشيعي فما زالوا يعملون وهم محبطون لكنهم اصبحوا يبتعدون عن اهدافهم المرسومة بفعل تراجع نفوذ الداعم الاقليمي والعالمي.
لهذه الاسباب لم تعد الهجمات المتبادلة بين المتنافسين الشيعة ذات اهمية كبيرة في تغيير مواقعهم في العملية السياسية .
هذه المؤشرات وغيرها تدل على ان خارطة نفوذ القوى السياسية ستكون غير مختلفة كثيرا عن الدورة السابقة ، اما تشكيل الحكومة فسوف تلعب لائحة الاهداف المسبقة لمن يشكل الحكومة دورها في التشكيل والتفعيل ، فحكومة تتبنى اولويات مثيرة للاعصاب مثل اخراج القوات الاجنبية وحماية الحشد الشعبي وتنفيذ اتفاقية الصين وفرض هيبة الدولة وغيرها ، سوف تتم مقاومة تشكيلها اقليميا بكل وسيلة ، فتكون معركة تشكيل الحكومة اشد من معركة الانتخابات ومن اراد ان يخوضها فليلبس للحرب جلبابها.