المقالات

السنوات الاربع المقبلة


  محمد عبد الجبار الشبوط ||   مهما ستكون نتيجة الانتخابات المقبلة فهي لن تكون حاسمة على صعيد مستقبل العراق. ذلك لان ادوات الحسم لم تتوفر بعد. ومن هذه الادوات مستوى عال من الوعي السياسي عند المواطنين يرافقه التزام واضح  بمشروع الدولة الحضارية الحديثة. ومنها وجود كتلة برلمانية تستحوذ على اغلبية النصف زائدا واحد وتتبنى مشروع الدولة الحضارية الحديثة. ومنها عدم حصول تحول حقيقي وجذري لدى القوى التقليدية الماسكة بالسلطة باتجاه مشروع الدولة الحضارية الحديثة. ومنها عدم وجود قانون انتخاب فردي سليم من الثغرات والنواقص. ومنها عدم تبلور مشروع مستقبلي لدى القوى الاحتجاجية  التشرينية يمت بصلة عضوية بفكرة الدولة الحضارية الحديثة.  ويلاحظ القاريء انني ربطت مسألة التحول الحاسم بفكرة الدولة الحضارية الحديثة، لان العراق امام خيارين لا ثالث لهما: اما دولة حضارية حديثة، او الحالة المتخلفة الراهنة.  وبالتالي فان دعوات الاصلاح والتغيير التي نسمعها هنا وهناك لا جدوى منها ان لم تكن تعبيرا وتجسيدا لفكرة الدولة الحضارية الحديثة، فالعراق اما ان يكون دولة بهذا الوصف والعنوان، واما ان لا يكون. والحالة الثانية هي "الدولة" الحالية: الهشة، الهجينة، الفاشلة، القائمة على اسس وسياسات خاطئة، كان من معالمها انها اوصلت اكثر الاشخاص جهلا الى اكثر المناصب اهميةً. وبغياب ادوات الحسم المذكورة فان استمرار الحالة الراهنة هو الخيار المرشح للاستمرار على الاقل اربع سنوات اخرى. وفي هذه الحالة، فان على الاقلية المبدعة في المجتمع العراقي بذل اقصى الجهد لكي تكون السنوات الاربع المقبلة، سنوات ما بعد انتخابات عام ٢٠٢١، هي سنوات الحسم باتجاه  الدولة الحضارية الحديثة في انتخابات عام ٢٠٢٥، وعام ٢٠٢٩، وما بعدها. وهذا يعني ان عمل ما بعد الانتخابات سوف يكون جزءا من ستراتيجية طويلة الامد قد تمتد لاكثر من ١٠ سنوات مقبلة.  وهذا يستلزم القيام بما يلي خلال السنوات الاربع المقبلة: اولا، تكثيف الجهد والنشاط من اجل نشر فكرة الدولة الحضارية الحديثة، وتوسيع قاعدة قبولها والايمان بها في المجتمع، حتى تصبح هدفا اعلى او حلما اجمل يتطلع الناس الى قيامها في العراق، باعتبارها الصيغة الوحيدة التي تتكفل بانهاء معاناة العراقيين وتحقيق السعادة لهم.  ثانيا، العمل من خلال البرلمان الجديد على تعديل قانون الانتخاب الهجين الحالي وتنقيته من الشوائب والثغرات، ليكون قانونا نموذجيا للانتخاب الفردي، كما اردناه في الفترة السابقة قبل ان تطاله يد التحريف والتشويه. ثالثا، العمل من خلال البرلمان الجديد، على الزام وزارة التربية وضع نظام تربوي حضاري حديث يتكفل بتنشئة جيل جديد مؤمن بالقيم العليا الحافة بالمركب الحضاري وعناصره الخمسة. سيكون هذا الجيل الجديد نواة المجتمع المتحضر القادر على انتاج برلمان وحكومة مؤهلين لقيادة المجتمع صوب الدولة الحضارية الحديثة.  رابعا، العمل من خلال مجلس النواب الجديد على اصدار قانون جديد للاحزاب يتمكن من الحد من التعددية المفرطة في الاحزاب بحيث تكون مخرجاته عبارة عن عدد محدود من الاحزاب، مثل حزب كبير واحد وحزبين متوسطين، وحزبين صغيرين. مثل هذا القانون سوف يحقق خطوة مهمة الى الامام في الطريق نحو الدولة الحضارية الحديثة، لان التعددية المفرطة في الاحزاب مظهر مرضي معيق لقيام الدولة الحضارية الحديثة.  خامسا، التخطيط للاشتراك في الانتخابات المقبلة بشكل يؤمن ظهور كتلة قوية وكبيرة العدد نسبيا في انتخابات عام ٢٠٢٥، وصولا الى اغلبية برلمانية في انتخابات عام ٢٠٢٩ تتمكن من تشكيل حكومة اغلبية سياسية تتبنى بالكامل اطروحة الدولة الحضارية الحديثة.  سادسا، العمل من خلال وزارة التخطيط والوزارات الاخرى المعنية، على تفعيل خطة المشاريع الانتاجية والخدمية الصغيرة لتوفير فرص عمل للشباب خارج اطار الدوائر الحكومية.  قد يبدو هذا الطريق طويلا وصعبا، لكنه بالتأكيد اقصر واسهل من الطريق الذي سلكه العراق منذ عام ٢٠٠٣، بل قبل هذا العام، من دون ان يضع نصب عينيه الوصول الى هذه الدولة.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك