أمل هاني الياسري ||
· نساء عاصرنَ الأئمة وعشنَ أبداً/38
روى سلمان المحمدي في كتاب بحار الأنوار، أن العباس بن عبد المطلب، دخل على النبي محمد (صلواته تعالى عليه وعلى آله) وسأله: يا رسول الله بمَ فضل الله علينا، أهل بيت علي بن أبي طالب والمعادن واحدة؟ فقال: إذن أخبرك يا عم، لما أراد الله أن يبلوا الملائكة، أرسل عليهم سحاباً من ظلمة، وكانت لا تنظر أولها من آخرها، ولا آخرها من أولها فقالت: إلهنا وسيدنا مُذ خلقتنا ما رأينا ما نحن فيه؟ فنسألك بحق هذه الأسماء إلا ما كشفت عنا.
فقال الباريء عزوجل:وعزتي وجلالي لأفعلن، فخلق نور فاطمة الزهراء (عليها السلام) يومئذ كالقنديل، وعلقه في قرط العرش، فزهرت السماوات السبع والأرضون السبع، ولأجل ذلك سميت فاطمة بالزهراء، وكانت الملائكة تسبح الله وتقدسه، فقال سبحانه وتعالى: وعزتي وجلالي، لأجعلن ثواب تسبيحكم وتقديسكم ليوم القيامة، لمحبي هذه المرأة، وأبيها، وبعلها، وبنيها، وإن كان نور محمد وعلي قد خلقا قبل العرش، ونور الحسن من الشمس، ونور الحسين من القمر، وهما أجلّا من الشمس والقمر، فما أكرمها على الله!
فاطمة أول شمعة ولدت في بيت محمد وخديجة (عليهم السلام)، في العشرين من جمادي الآخرة، في السنة الثانية قبل الهجرة، عاشت أيام طفولتها مع أبيها وأمها، محنة الإضطهاد والأذى من قريش، أبان الدعوة الإسلامية، وفوجئت بوفاة والدتها في عام الحزن، إثر مرض ألمَّ بها، بعد حصار شِعب أبي طالب، فوقفت الى جانب أبيها بقوة وصلابة، لذا كناها بأم أبيها (عليها السلام)، سميت بفاطمة لأن الباريء (عز وجل) فطمها ومحبيها من النار، فسلام عليكِ أيتها الزهراء.
سميت (البتول) لأنها إنقطعت عن نساء الدنيا، فضلاً ورغبة في الآخرة، وسميت (الحوراء الإنسية) لأن النبي (صلواته تعالى عليه وعلى آله) قال:(فاطمة حوراء إنسية، فكلما إشتقت الى رائحة الجنة، شممتُ رائحة إبنتي فاطمة)، ومن ألقابها (المباركة لظهور بركتها)،(والمحدثة لأن الملائكة كانت تحدثها)،(والزكية لأنها كانت أزكى أنثى عرفتها البشرية)،و(المرضية لأن الباريء عز وجل، سيرضيها بمنحها حق الشفاعة)،و(الصديقة لأنها لم تكذب قط)، و(البضعة لأن أبيها قال:فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها)،وكذلك لُقبت بالمنصورة، وأم الأئمة، والريحانة، والطاهرة.
كنية الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(أم أبيها)، لمكانتها من النبي، ورعايتها المتميزة له في ضروب المحن والشدائد، فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، كانت أول مَنْ لحق بأبيها، بعد أن رحلت عن الأمة التي خالفت أمر نبيها، فسلام على روحكِ المطمئنة الراضية، حين تطوف علينا لنتعلم منكِ دروساً في مواجهة الظلم، وأنت تدافعين عن بيت النبوة، فقد أدركتِ عصمة مَن معكِ وأنتِ المعصومة، فعاصرت علياً، وحسناً، وحسيناً، وسلام عليكم يا مَن كنتم نوراً في الأصلاب الشامخة.
https://telegram.me/buratha