أمل هاني الياسري||
*نساء عاصرن الأئمة وعشنَ أبداً/36
أبو طالب الكفيل، والعم، والملجأ، وجد نفسه في هذه المناصب بمشيئة إلهية، وسط مغامرة جاهلية، فجاء محمد بن عبد الله ليكون رحمة للعالمين، وليخرج الناس من الظلمات الى النور، ولم يجد نبي الأمة (صلواته تعالى عليه وعلى آله)، أنصاراً ولا أسرة حنونة، إلا بيت أبي طالب، ومن الطبيعي أن ابناء فاطمة بنت أسد، كانوا نعمَ السند، والمحامي عن الصادق الأمين بدعوته السمحاء، ومن بناتها اللواتي لعبنَ دوراً كبيراً، هي فاختة (أم هانئ رضوانه تعالى عليها).
السيدة فاختة بنت أبي طالب بن عبد المطلب، بن هاشم بن عبد مناف، بن قصي القرشية الهاشمية، والدتها فاطمة بنت أسد، ووالدها أبو طالب، اللذين تكفلا برعاية النبي محمد (صلواته تعالى عليه)، وتربى في بيتهما، حيث يعج بالعبادة والعفة، والعنفوان والتوحيد، وإخوتها علي، وعقيل، وطالب، وجعفر،(عليهم السلام أجمعين)، وكنيتها(أم هانئ)، وقد فرَّ زوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي، مع جماعة الى نجران ومات فيها، فواصلت حياتها للعناية بأبنائها الأربعة، كما دافعت عن إسلامها الحنيف بكل شجاعة.
كان لهذه العلوية الجليلة مكانة كبيرة، عند إبن عمها النبي محمد،(عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم)، لأنها تميزت بإجارة الضعفاء من المسلمين الأوائل، لتنصر الدين الجديد بحماية الفقراء والمحرومين، ممَنْ دخلوا فيه من تسلط شيوخ الجاهلية المتغطرسين، فكانت نعمَ المجيرة والمساندة، فسميت (مجيرة الضعفاء)، وتلك الصفة لاتطلق على سيدة من أشراف مكة، ما لم تكن على درجة كبيرة من الشجاعة، والشموخ، والقوة، إضافة الى أنها كانت (رضوانه تعالى عليها)، تداوي الجرحى وتسقي العطاشى، في معارك الفتح والتحرير.
إرتبط ذكر السيدة العلوية فاختة (أم هانئ)،بحديث الإسراء والمعراج، لأن الحادثة العظيمة بدأت من بيتها، فقد كان النبي محمد (صلواته تعالى عليه وعلى آله)، ما ذكر الحديث إلا وذكر معه أم هانئ، فتجيبه:(يا رسول الله لأنت أحبُّ اليَّ من سمعي وبصري)، فكان عليه الصلاة والسلام يأمن بيتها، لأنها تنصره في كل تحركاته، وتدفع عنه أذى قريش أيام فتح مكة، فبرز دورها الكبير في الدعوة الإسلامية بأيامها الأولى، كيف لا والسيدة فاختة، أخت علي (عليه السلام) صاحب ليلة المنام والفداء.
السيدة فاختة أعطت درساً بليغاً في شجاعة النساء، ذلك أنها رغم كبر سنها، أدت أدواراً كبيرة، في تبليغ تعاليم الدين الإسلامي، فإرتفعت قدراً وشأناً بين نساء زمانها، وروي عنه أنه قال:(ألا أخبركم بخير النساء عماً وعمةً؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: الحسن والحسين عليهما السلام، عمهما جعفر بن أبي طالب، وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب)،إلتحقت بالرفيق الأعلى سنة( 50 للهجرة)،عاصرت خلال حياتها الطاهرة، أيام الإمام علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين(عليهم السلام أجمعين).