د.علي الطويل ||
في سياق تراجع القوة الصهيونية، نستطيع أن نسجل اول عملية حقيقة وكمؤشر واقعي على تراجع قوة الكيان الإسرائيلي بشكل واضح ، هو معركة تموز 2006 ، حيث كانت هذه المعركة مفترق طرق لواقع جديد فرضته المقاومة على ألارض، وهذا الواقع أشر لنا ومنذ ذلك اليوم إلى يومنا هذا ان إسرائيل في طريقها نحو الزوال ، واشر لنا كذلك على تصاعد وتنامي قوة أبناء المقاومة بشكل نوعي وكمي ملموس ،و أصبحت إسرائيل بعد ذلك الانتصار الكبير ، تفكر طويلا قبل الاقدام على اي موقف يخص لبنان وعموم منطقة الشرق الإسلامي. وقد توالت ومنذ ذلك التاريخ الهزائم الإسرائيلية المتكررة في كل ميادين الصراع حتى تحول الهاجس الإسرائيلي من العمل للتوسع وقضم الاراضي من الجوار ، إلى محاولة الحفاظ على مااكتسبته بحروبها السابقة هذا في سنوات مضت ،إلى العمل الجاد لتامين بقاء هذا الكيان في يومنا هذا .
التصريحات الاخيرة للسيد حسن نصر الله واعلانه عن معادلة الردع في جبهة الصراع مع العدو الإسرائيلي، ووقوف فصائل محور المقاومة في سوريا والعراق واليمن وتاييدهم لهذه الخطوة ،جعلت الكيان الإسرائيلي يعيش حالة من الحصار الامني والعسكري وهاجس خوف يؤرق قادته ، وأصبح يستشعر الخطر على وجوده أكثر من اية فترة سابقة ،ومما زاد في هذا الهاجس المرعب هو مجموعة من العوامل إضافة لعامل قوة المقاومة في لبنان ،ومنها فشل محادثات الاتفاق النووي مع الجمهورية الاسلامية، وعدم اهتمامها باستمرار هذه المحادثات طالما لم تتحقق فيها مصالح الشعب الإيراني، والامر الاخر هو بوادر انسحاب أمريكا من المنطقة وبدأتها من أفغانستان، وذلك لتلافي الخسائر المحتملة جراء استمرار تواجود قواتها مما يجعلها عرضة للمواجهة بشكل دائم ، ذلك ما جعل إسرائيل تعيش هذا الهاجس المرعب الذي لم تالفه طول آل ٧٠ سنة الماضية ،فانسحاب إيران من المحادثات النووية يعني ان موقفها هذا يستند إلى أوراق قوة وضغط ،إضافة لتصاعد إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب ،وهذا مقلق لدويلة إسرائيل، اما الانسحاب الأمريكي من المنطقة يعني إفراغ الجبهات التي كانت منشغلة في صراعها مع هذا المحتل ،وبالتالي سيدير أبناء المقاومة في هذه البلدان وجوههم نحو إسرائيل باعتبارها مصدر لكل مشاكل المنطقة ،
وقد توجت المقاومة اللبنانية انتصاراتها المتوالية باستيراد الوقود من الجمهورية الإسلامية، كاسرة بذلك أسس وقواعد (الاشتباك السياسي) هذه المرة وليس العسكري فقط ،وبالتاكيد فان ذلك كان مستندا على قوة الوجود العسكري والسياسي لحزب الله على الواقع اللبناني ، فعملية التحدي الكبرى واستيراد الوقود لانقاذ الشعب اللبناني كانت ضربة فارس أسقطت المقاومة فيها كل الخطط الأمريكية الإسرائيلية ومن يقف في جبهتهم ،وانقذت الدولة اللبنانية من الانهيار ،ولولا الموقف العظيم للجمهورية الإسلامية والاستجابة السريعة لطلب السيد حسن نصر الله ، لكان حصار لبنان الذي كان سؤدي إلى انهيار الدولة ،وعندها سيكون بمثابة حبل نجاة لإسرائيل لتسترد أنفاسها مجددا ،ولكن هذه الصفحة إعادت حساباتها ومن يقف في صفها بأن تقدم محور المقاومة ماض ،وأن إسرائيل لاينفع معها الترميم بعد اليوم فقد بانت علامات افولها، وأن لبنان واللبنانين اليوم يزدهون بعز المقاومة ويشهدون على ذل أعدائهم وبهتان ادعاءاتهم التي اسقطتها صهاريج المازوت بالضربة القاضية ، ولم تنفع صراخات التبجح بالوطنية والسيادة التي لاتسمع الا حين يتعلق الامر بالمقاومة ،وبذلك سجلت المقاومة فتحا جديدا ودخلت عصر جديد اخر من العزة والمنعة والقوة.
19/9/2021