حافظ آل بشارة ||
الشباب الذين ينتخبون لاول مرة في العراق يبلغ عددهم اكثر من مليونين ونصف المليون ناخب ضمن 25 مليون ناخب لهم حق الاقتراع .
اين موقع الناخبين الشباب في خارطة الجمهور الانتخابي ؟ معروف ان الاحزاب التقليدية لديها جمهورها الثابت تقريبا ، بينما يشكل الناخبون المترددون او الجمهور الرمادي نسبة تقارب 70% اما الناخبون الشباب فيصعب تصنيفهم الا بعد معرفة تركيبتهم النفسية والثقافية والسياسية ، سن الانتخاب هو 18 سنة ، والانسان في هذا العمر له سماته الشخصية وابرزها انه لا يهتم كثيرا بالوضع السياسي ، وأهم ما يميز الشباب في هذا السن هو ميلهم الى تأكيد الذات وبناء الشخصية والشعور بالحاجة الى التميز والنجاح ، وغالبا ما يكون الشباب في هذا السن غير مهتمين بمشاكل الأسرة او منشغلين بها كالفقر والبطالة وفقدان السكن المناسب وفقدان الخدمات العامة كون اغلبهم لم يتزوج بعد ليعرف مسؤولية اعالة الاسرة ومطالبها .
في العراق تضاف اعتبارات اخرى في تشكيل شخصية الشباب منها مايتعلق بالأسرة فمعظم الشباب يعيشون في اسر عاجزة غالبا عن تلبية احتياجاتهم المادية والمعنوية ، وقد تصاعدت نسب الفقر لتتجاوز 30% في بعض المحافظات وهذا يعني ان هناك شبابا لا يتوفر له الحد الادنى من مستلزمات العيش المريح بالنسبة نفسها ، اما التربية والتعليم فحالهما أسوأ فالمدرسة اختفى دورها التربوي من الاول ابتدائي الى السادس الاعدادي ، ولم تعد تمثل الأسرة الثانية التي يتربى فيها الشباب وتتشكل المعالم الاولى لشخصياتهم ، كما ان المنهج الدراسي لم يوفر تعليما سياسيا او عقائديا او وطنيا للتلاميذ ولا يلبي حاجة الطالب الى البناء الثقافي والسياسي مع ضعف او فقدان نظام المؤسسة في التعليم ، الذي ادى بدوره الى فقدان التجانس في الهيئة التدريسية واهتمامات المعلمين والمدرسين وقد تغلبت عليهم الانتماءات الحزبية والعشائرية وضعفت المعايير المهنية ، الأمر الذي ادى الى فقدان معالم الهوية التربوية المتماسكة للمدرسة فالشاب المتعلم في هذه المدارس شخصيته مبعثرة ويميل الى التقليد ، ويكون تأثير شبكة الانترنيت عليه اكثر من تأثير المدرسة والأسرة ، خاصة وان الانترنيت في العراق يعمل بلا رقابة ولا تنظيم اولويات ، فيقع الشباب في قبضة الرسائل العشوائية التي يشكل التخريب نسبة عالية منها ، اضافة الى حجم التسرب الهائل من المدرسة التي تحولت الى بيئة طاردة للتلاميذ تقذفهم في الشارع في اطار مخطط معقد هدفه تدمير التعليم لتكون وظيفته معكوسة فيقوم بمهمة التجهيل والافساد للشباب ، كما ان الفقر وكثرة الأسر الفاقدة للمعيل ادت الى اجبار كثير من الطلاب على هجر الدراسة والانخراط في العمل وغالبا يعملون في مهن هامشية لاعالة اسرهم ، هذه هي الصورة التقريبية للجيل الجديد الذي يشارك في الانتخابات لأول مرة ومن المتوقع ان يتكون موقفه الانتخابي من مؤثرات عديدة هي الأسرة وميولها ، الاصدقاء ، الحي السكني وتوجهات الاهالي ، مواقع التواصل على النت ، ولأن الشباب اليوم وبسبب الخلل الكبير في الاسرة والمدرسة ، لا يستطيعون ان يتحولوا الى تيار شبابي مستقل وقادر على بلورة تحرك سياسي او اجتماعي ، لذلك من غير المتوقع ان يمثلوا اضافة نوعية لعدد الناخبين بل سوف يتوزعون بنسب متساوية على اصناف الجمهور : الجمهور السلبي العازف عن المشاركة ، الجمهور الحزبي والجمهور المتردد تبعا للأسرة والحي والمنطقة والاقرباء والاصدقاء .
https://telegram.me/buratha