قاسم العجرش ||
ليس ردا على من يدعون إلى حل الحشد الشعبي، فمن المؤكد أن دعوتهم ستذهب أدراج الرياح، لأنها دعوة لا تستند الى منطق، لكن قبالة هذه الدعوة ثمة سؤال كبير يطرح نفسه بقوة، وهو لماذا تشكل الحشد الشعبي؟!
الإجابة كما يتصورها محدودو النظر،هي أننا لم نكن بحاجة الى تشكيل الحشد الشعبي، بل لم نكن أصلا بحاجة الى فتوى للجهاد الكفائي، لولا الاجتياح الداعشي في حزيران 2014، عندما احتل الأشرار أكثر من ثلث مساحة العراق. وأوشكت بغداد المدججة بالساسة، أن تسقط هي الأخرى، فقد كان الدواعش يحيطون بها وشرعوا بنهشها، مثلما تنهش الوحوش المفترسة فرائسها.
من هؤلاء من يقول، إنه لو كانت القوات المسلحة العراقية قائمة بواجباتها بشكل حسن، واستطاعت إيقاف العدوان ودحره والقضاء عليه، لما كنا بحاجة الى “صداع” اسمه الحشد الشعبي..!
الحقيقة هي أن هذا طرح سوفسطائي مغرض، يريد أن يسلب الشعب إرادته بالدفاع عن نفسه، ويميع دور العقيدة في رسم خارطة وجود الأمة، ويقلل من دور القوى العقائدية القائدة للمجتمعات، وهي تتمثل في الحالة العراقية، بالمرجعية الدينية العليا.
لقد تصدت القوة العقائدية القائدة لـ”درء المخاطر”، بما معروف عنها بعدم تركها مصير الأمة سائبا، هذا التصدي كشف عن حاجة المفاهيم الوطنية المائعة، الى قوة العقيدة الضابطة!
على المستوى التطبيقي، وفي الشأن السياسي والوطني، لم نعتد من القوة العقائدية القائدة، التدخل بالتفاصيل والعناوين الفرعية، ولذلك فإنها انتقت المفردة المناسبة باحترافية عالية، وبمهارة أشارت الى أن واجب المكلفين بالجهاد كفائيا، هو “درء المخاطر”، الذي يعبر عن طيف واسع من المشكلات؛ والقضايا التي يواجهها الوطن.
هذه الاحترافية بانتقاء المفردة، تجعلنا نتوصل الى أن الحشد الشعبي، كسائر القوات المسلحة، لا تقتصر واجباته على الحروب، بل يجب أن يكون الحشداويون مستعدين، حيثما يحتاجهم الوطن لـ”درء المخاطر”.
ثقل العبء يجب أن يتحمله الحشد الشعبي قبل غيره، لاندكاكه العميق في وجدان الأمة من خلال العقيدة..لتتشكل أمة الحشد التي صنعتها الفتوى ودماء الملبين..لقد تم بناء أمة الحشد..والأمم لن تموت أبدا!
الحشد الشعبي، له امتداداته الشعبية، وحاضنته المجتمعية، التي وقفت الى جانبه، وقدمت إسنادا رائعا وبمختلف الوسائل، الأمر الذي كان له أثره البالغ في تحقيق الانتصار.
هكذا كان المشهد، وهو اليوم مستمر كما بدأ؛ لأن العدو مازال موجودا، و”المخاطر” التي يتعين مواجهتها و”درؤها” لم تنته، وليس من المؤمل أن تنتهي في أمد منظور..ما يعني أن الحشد الشعبي حالة وطنية كبرى، كانت القوة العقائدية القائدة، قد أطرتها بقدسية الفتوى المباركة.
لكن ماذا سيكون الموقف، لو لم تصدر فتوى الجهاد لسبب أو لآخر، بل ماذا سيكون الموقف لو لم تكن لدينا قوة عقائدية قائدة؟!
كلام قبل السلام :الحقيقة أن هذا السؤال مردود الى فم من طرحه، إذ إننا شعب يعيش في ظل نظام أبوي، وأبونا هو المرجع، ونحن محظوظون جدا لأن لدينا مرجعية دينية، تراقب مسارات حياتنا ومآلاتها، وتشخص الأخطار، وترسم لنا خارطة الطريق لمواجهتها.
سلام..
https://telegram.me/buratha