د. عطور الموسوي ||
لم يتوقف آل أمية عما أبدوه من مواقف الدناءة والخسة مع عيال الامام الحسين عليه السلام والثلة من أنصاره حتى وصول الركب الى الشام ودخول بنات الوحي الى قصر الامارة ومواجهتهن للطاغية الفاجر يزيد، وقد أيدهم الله بالنصر عليه والخلود لقضية النهضة الحسينية، نعم تناوب الامام السجاد مع عمته العقيلة في إلقاء الحجة بعد الحجة على من حضر مجلس الشماتة الأموية بآل نبي قد ختم الله به الرسالات، وأُفُحم ذلك المتعجرف وانقلبت الموازين عليه واتضحت الحقيقة لمن غرر بهم الاعلام الأموي الأصفر.. وانتهت مشاهد قصر الامارة فأمر يزيد أن يساق ركب الإباء الى خربة ليحطوا رحالهم فيها!!
خربة الشام وما أدراك ما خربة الشام عنوان لخسة حاكم دمشق فلا سقف يظلهم ولا فرش تحتهم ولا جدار يمنع الناظرين عنهم، أراد أن يمعن في ايذائهم وأبى الا أن يظهر كل صلفه وجرأته على الله ورسوله، الا أن عقيلة الطالبيين ما انفكت تترصد خططه بقوة ايمانها لتحيل هذه الخربة الى منبر إعلامي يبث وقائع الطف عبر مجلس عزاء تندب فيه شهداء الطف وترسم بطولات شخوصهم وتعرب عن ممارسات الادعياء بحق بنات الوحي، فينجذب اليها الناس مذهولين مما يسمعون، ويعيدون النظر في معتقدات أوهموهم بها يوم رددوا السباب لأمير المؤمنين من على منابرهم.
وجود تلك الوجوه المنيرة والقامات المهابة في تلك البقعة الجرداء قد أفسد كل ما خطط لها جلاوزة يزيد وصار أمرا يقض مضجعه عندما غدت الخربة محورا يلتف الناس حوله ويعرفون الوجه الحقيقي لمن اعتلى منبر رسول الله ونصب نفسه خليفة عليهم .. نعم لم يكن العزاء جزعا على ما جرى وانما ايضاحا لحقيقة غيبتها الماكنة الاعلامية لآل ابي سفيان ومنذ أيام معاوية، عرف الناس أن هؤلاء ليسوا خوارجا كما يدعون، وعلموا حقيقة الحقد الذي يضمره هذا البيت على اهل بيت نبيهم ومنذ معركة بدر الكبرى، بل علموا معنى أية " المودة في القربى" وما فعله جيش يزيد بقربى النبي صلى الله عليه وآله.
منذ ذلك اليوم سُنت مجالس العزاء الحسيني وكل عام تتجدد كما ونوعا وأضيف شهري محرم وصفر لشهر رمضان المبارك كمنابع تغذي الأرواح بمدد ايماني وتوطد التعلق البنّاء بأهل البيت عليهم السلام، وتضيء الطريق للسالكين، وبينت معنى التمسك بحبل الله المتين كتاب الله وعترة رسوله.
والى يومنا هذا تقام مجالس العزاء في كل أرجاء الارض عاما بعد عام تعلن عن جرم الطغاة وعن إباء القلة المؤمنة المحيطة بسيد الشهداء وصدق قوله عليه السلام : "فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي"، وشاء الله ان تتحول نهضة الحسينية الى قضية عالمية تقتدي بها البشرية جمعاء قصة خالدة تروي أن للنصر معايير أخرى ممتدة امتداد الحياة اينما وجد الظلم وحيثما وجد الأحرارالرافضين له.
وتستمر حكايات زينب حتى وصولها مدينة جدها صلوات الله عليه.
السبت 11 أيلول 2021
3 صفر 1443