خالد جاسم الفرطوسي ||
من المؤكد أن أي بلد وأي حضارة لا تقوم ولا تبنى ما لم يكن لمواطني البلد دور فيها، وهذه الأدوار أحياناً تكون ذات شراكة يتقاسمها المواطن والحكومة، وأخرى تقع على كاهل المواطن دون غيره، ومرات تتحملها الحكومة بأعضائها.
وفي هذه السطور الموجزة التي نتناول فيها على شكل حلقات موجزة دور المواطن في الفساد المستشري في العراق، لا أريد أن أنزه الحكومة ولا أريد أن أثقل كاهل المواطن، ولكني أريد أن أفتح بصيرة بعضهم وأذكر البعض الآخر ممن يشاركني الرأي في ذلك.
لنخرج بنتيجة واحدة مفادها أن المواطن شريك في كل ما يحصل في البلد من ظلم وفساد وجور بعيداً عن مقدار تلك النسبة التي تقع على كاهله، وهذا الألم والفشل وكما بينت لا نبرئ الحكومة منه ولا نبرئ منه المواطن أيضاً، فهنالك حقوق وواجبات يتقاسمها كل منهما، يتشاركون في كثير منها وينفردون في العديد منها، ولن نتمكن من إحصائها في سطورنا الموجزة هذه، وعليه فهي ستكون على شكل حلقات نتناول في كل منها ما نتمكن منه، هي ليست مشروع للخروج مما نحن فيه، بل هي جزء من ذلك المشروع، يتطلب منا كمواطنين أن نؤدي تكليفنا، وكما يقول الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه: كُلنا مأمورون باداء التكليف ولسنا مأمورين بتحقيق النتائج.
ولغرض أن نؤكد ما نحن بصدده، يمكننا ذكر العديد من الأدلة والشواهد، ولكن ما يسمح به المقام لا يسع لذكرها، فنكتفي بذكر ما نشرته قناة BBS التي تشاركنا بما نذهب إليه من دور ومشاركة للمواطن في الفساد الذي يعيشه العراق اليوم، وهو تقرير نشر على موقع القناة يبين ما للمواطن من دور في الفساد المنتشر في بعض الدول العربية، وقد جاء فيه:
((اضطر قرابة ثلث سكان العالم العربي لدفع رشوة خلال عام 2015، حسب تقرير نشرته منظمة الشفافية العالمية الثلاثاء 3 أيار 2016.
(الذي شمل تسع دول عربية هي مصر والمغرب والجزائر وتونس والأردن ولبنان واليمن وفلسطين والسودان، جاء فيه أن 61% من المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن نسب الفساد زادت خلال العام المنصرم، وأن 68% يعزون ذلك لفشل حكوماتهم في محاربة الفساد ومحاسبة موظفي الدولة الفاسدين، كباراً كانوا أو صغاراً.
وتصدّر لبنان قائمة الدول العربية التي يشعر سكانها أن الفساد ازداد (92%) متبوعاً باليمن (84%) والأردن (75%) وفلسطين (70%)، ثم تونس (64%) والسودان (61%) والجزائر (51%) ومصر (28%)، فيما تذيّلت المغرب القائمة بنسبة (26%). أنتهى)).
ومن المؤكد أن الرشوة المدفوعة يتحملها المواطن ومن يمثل الحكومة من موظفين، إلا أن من يدفعها هو المواطن، نعم هنالك أسباب تدفعه لذلك، وأنا لست بصدد الدفاع عنها حالياً بقدر ما أريد أن أؤكد من دور للمواطن في الفساد.
نختم سطورنا هذه بتعريفنا الموجز أعلاه لما ننوي الشروع فيه من تحليل وبيان، لنتناول في حلقتنا القادمة بعون منه جل وعلا بيان مصداق من تلك المصاديق التي يكون المواطن فيها سبباً وشريكاً في الفساد والظلم المستشري في بلدنا العراق.