رياض البغدادي ||
أن الحديث عن آل الحكيم له شجون وآهات ، ومعالم انجازات علمية كبيرة ربما تَحدَث عنها الكثير ممن كتب مؤرخا , والكثير من الأقلام تحدثت عن كوكبة الشهداء التي قدمها هذا البيت الطاهر , قرابين على مذبح الحرية في العراق , لكن هناك الكثير مما لم يقله احد فيما تركه الحكيم من ذرية صالحة تربعت على كراسي البحث والتدريس في مدارس مدينة قم المقدسة والنجف الاشرف حاضرة العلم والعلماء , حتى تكاد لا تخلوا مدرسة من مدارس النجف الا وترى ( حكيميا ) مدرسا او مجتهدا على منصة البحث الخارج ، وفي كل مركز علمي او مؤسسة ثقافية ترى ذرية اولئك الشهداء من آل الحكيم ، واحدهم شعلة من نار يحاول بكل حيوية ونشاط الحاق النجف بركب العلم والتكنلوجيا التي حرمت منها لعشرات السنين من حكومات الفترة المظلمة للبعث البائد .
في كل مرة ازور فيها العراق كان من الأولويات التشرف بزيارة الفقيه والمرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره الشريف في مكتبه المتواضع والذي كل زاوية فيه تجعلك تغوص في عالم الروح ، حتى يعرج بك الخيال الى تلك الغرفة التي كان يجلس بها جده الامام امير المؤمنين عليه السلام لمقابلة الناس وقضاء حوائجهم .
لم استطع مقاومة فضولي في النظر الى ملامح الوجه الكريم للمرجع الكبير وهو يتكلم ، الا ان محاولاتي بائت بالفشل لان عيوني تغرق بالدموع وانا انظر اليه فصرت اسلي نفسي بالنظر الى عمامته السوداء التي ظهرت عليها معالم القدم بدلالة الخرم الواضح في مقدمتها .
كان حديثه ادام الله وجوده وجعلني فداه , كله حكم ومواعظ ووصايا قال :
" انتم امناء على دينكم ورسل الاسلام الى اوربا والعالم الغربي ، فأذا احسنتم معهم , لا اقول هو احسان لانفسكم حسب , بل ستحسنون للاسلام , ولنبيكم الكريم صلى الله عليه واله , وستجعلون بحسن اخلاقكم من يريد الاساءة الى النبي , يتردد الف مرة , قبل الخوض في مثل هذا الفعل الشنيع , لااقول قابلوا الكلمة الطيبة بالكلمة الطيبة , بل اقول لكم بادروا الى الطيب من الكلام وابدءوا به ولايسبقكم اليه احد , اظهروا محاسن دينكم , انها فرصه ان تكونوا في تلك البلاد لتكون صلاتكم فيها مضاعفة الثواب وعباداتكم ستكون في اعلى الدرجات انشاء الله , حافظوا على اولادكم واحرصوا على تربيتهم تربية اسلامية , اغرزوا في نفوسهم الحب للناس , والارتباط بالنبي واله الاطهار , فأن بركة هذا الحب والارتباط ستفتح لهم آفاق المعرفة بالدين والالتزام بتعاليمه .
بهذه الكلمات المباركة شغلني هذا السيد الجليل , وصرت اتمتم بها طيلة الزمن الذي استغرقته رحلة العودة الى كربلاء ( العِبره والعَبره ) .
الآن وقد رحل عنا هذا العالم الجليل لا أجد أعظم من كلام الأمام الصادق (ع) ما يمكن تأبينه به حيث قال عليه السلام "إذا مات العالم ثُلم في الإسلام ثَلمة لا يسدّها شيء إلى يوم القيامة" .
ــــــ
https://telegram.me/buratha