حافظ آل بشارة ||
كان الهجوم الاخير لعصابات داعش في كركوك متوقعا عند الاهالي وعند الجيش والشرطة وكل من هب ودب ، وقد استشهد على اثره 13 مقاتلا من اللواء 19 الشرطة الاتحادية في ناحية الرشاد ، وبالتزامن شن داعش هجوما على الفوج 3 من اللواء 50 من الجيش العراقي، قرب جبال مخمور في محافظة نينوى.
عسكريون من تلك الوحدات قالوا ان داعش ليس قويا بما فيه الكفاية لكي يصول ويجول بهذا الشكل ويشن الهجمات المدبرة وينسحب ، بل ان عناصر الضعف والاهمال بدأت تدب في اوساط الوحدات العسكرية المرابطة في كركوك واطراف محافظات صلاح الدين ونينوى والانبار وشمال ديالى ، وهذه هي خطوط التماس الخطيرة حاليا ، واضاف العسكريون في احاديث خاصة ان الفساد في بعض المقرات العسكرية ادى الى اضعاف تلك القوات ، فهناك جنود يتركون مواقعهم ويذهبون الى اهلهم مقابل منح جزء من رواتبهم لآمرين في تلك الوحدات ، وهذا الانحراف المرعب يعيد الى الذاكرة غزو داعش لنينوى وهزيمة القوات هناك التي كانت قد نخرتها الرشوة والتسيب ، لنقل اذن ان الفساد المالي في هذا البلد اساس كل كارثة ،
لقد فعل رئيس الوزراء خيرا اذ عقد اجتماعا طارئا لمجلس الأمن القومي لمناقشة هذا الخرق الخطير ، وهنا لا بد من الاشارة الى ان كركوك تضم مقرات لداعش شبه علنية خاصة في الحويجة ، متغلغلين بين الاهالي بالترغيب والترهيب ، القوات المسلحة المرابطة قريبا من مناطق نشاط داعش تمر بحالة من الارتخاء والفساد واللامبالاة كتلك الاوضاع التي مرت بها عشية اقتحام داعش لمحافظة نينوى وهزيمتها النكراء هناك ، هذه القوات هي نموذج لقوات يدربها الاحتلال ، قوات بطلة تسجل مواقف كالتي سجلها الجيش الافغاني الذي دربه الامريكيون في مواجهة طالبان ، حيث جرى تقدم طالبان بهدوء وجرى التفاهم والتسلم والتسليم للمدن الافغانية ، وهنا في العراق نخشى ان تصل الاوضاع الى حالة تسلم وتسليم منتظرة ، من الموصل مجددا نزولا الى كركوك وحتى حزام بغداد ، ان تفاصيل الهجمات الداعشية الاخيرة تدل بوضوح على مدى الضعف الاستخباري الذي وصلته المواقع العسكرية هناك ، فالذي لا يملك استخبارات يقظة وجادة ومبادرة هو الذي يمكن ان يقع في مثل هذه الكارثة الدموية ، وهذا الوهن الاستخباري هو الآخر يعد من بركات التدريب الامريكي للقوات المسلحة ، يجب اكتشاف الطرف المستفيد من هذا النشاط الداعشي المتصاعد ، اميركا تتسابق مع الزمن باتجاه موعد خروج آخر جندي من قواتها من العراق نهاية هذه السنة ، تريد ان تثبت قبل حلول الموعد بأن العراق لا يمكنه العيش بسلام بدون القوات الامريكية ، فاذا خرج الامريكيون دخل الدواعش ، وهذا التحول ان حدث له معنيان معنى معلن امام العالم ومعنى وراء كواليس المسرح اما المعاني المعلنة فملخصها : اذا انسحبت قواتنا فمن يحميكم من داعش ؟ اذن لا داعي للالحاح علينا بطلب الانسحاب ! اما وراء الكواليس فهذا التحول معناه : انكم ياعراقيون ان اخرجتم جيشنا الرسمي من بلدكم سنطلق عليكم جيشنا غير الرسمي الذي اسمه داعش ! وسنربك الاوضاع ونقلب عاليها سافلها مع اقتراب الانتخابات لتخريب صفقة الانتخابات المبكرة واستبدالها بالخيار الأسوأ والأخطر ولكم ان تتخيلوا ما يمكن ان يحدث او ربما لا تتخيلون ...