عمار محمد طيب العراقي ||
هو..طراز خاص من المتصدين للقيادة الدينية، هو الراحل الذي لم يرحل من بيننا، لأنه ترك فينا تراثا عظيما يصعب طي صفحاته الى زمن طويل قادم..
المرجع الكبير؛ اية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم قدست نفسه الزكية، هو الصامد في سجون البعث الرهيبة هو واخوته وابنائه 1983 لثماني سنوات، وأعادوا سجنه وتعذيبه بعد الانتفاضة الشعبانية، "كان فيها مناراً للسجناء في تخفيف آلامهم وبث الوعي والدروس الفقهية بينهم رغم قسوة الطغاة وإجرام جلاوزة البعث"..نعم هو الذي حول السجن الى مدرسة عقائدية كبرى.
هو المرجع الديني المفتوح بابه دوما لعشاق الحقيقة، بل حتى للزائرين المتوجهين لأبي عبد الله الحسين"ع"، ولعشاق مرقد جده أمير المؤمنين"ع". وهو المشارك الدائم بالزيارة الحسينية الاربعينية، حيث لم يتركها رغم كبر سنه، وظهره المنحني وضعف بدنه..
هو..المرجع المجاهد..الذي ضاقت به دائرة الفقه، فمازجها بدائرة العقيدة، فيتبعها بدائرة الممارسة، ثم يربط جميع الدوائر بالخلوص ألإلهي، ليكون واحدا من أهم العرفاء في عصرنا الراهن..
هو..الذي تمنى على رجال الحشد الشعبي الدعاء له، وهو العارف الذي بين يديه تفتح ابواب الدعاء؛ وهو الذي أقر للحشد الشعبي مكانة كبرى، عندما دعا الله جل ثناؤه، ان يشركه بثواب وأجر رجال الحشد، عندما قال وبتعبير مؤثر؛ (اتمنى ان اكون مع الحشد الشعبي ولكن وضعي الصحي لا يسمح لي, ارجوا منهم الدعاء وارجوا من الله ان يشركنا معهم).
هو..المرجع الذي حدد المكانة العالية للحشد وليد الفتوى المباركة للمرجع الديني سماحة السيد السيستاني، للحشد الشعبي (انه مصدر قوتنا فهو الذي هزم داعش) وبذا رسم موقعية الحشد في خارطة الأمة..عندما وصف (قدس سره)الحشد بأنه " يمتلك صفتين مهمتين, الصفة الاولى الخوف من الله تعالى, والصفة الثانية تفانيه في اداء الواجب حبا لله".
"لولا ديننا لانمحينا من الوجود, وهذا الحشد الشعبي لولا تدينه وحبه لله, لن يتمكن من الوقوف بوجه داعش هذا الموقف العنيف, فكان كل هم الحشد الدين واداء الواجب, وليس همهم المال والراتب كالاخرين نتيجة الاهتمام بالمال وليس اداء الواجب". هذا الذي قاله المرجع الراحل عن الحشد الشعبي، فأي علاقة عقائدية أبوية متكاملة تلك التي تربطه بالحشد؟! وأي فهم عميق لمحورية الحشد الشعبي في حياة الأمة، تلك التي أستشرفها مرجع ديني بحجم ووزن الحكيم الراحل؟!
وأذا كان هذا هو موقف المرجع الفقيد من الحشد الشعبي، وأذا كان هذا هو شكل العلاقة بينه وهو واحد من كبار علماء عصره، فإن تأبين الحشد له، وإقراره بفداحة الخسارة بإرتحاله الى ملكوت الله، كان طبيعيا وتعبيرا عن الوفاء لموقف المرجع الفقيد من الحشد ومن المؤامرات التي تحاك ضده..
الحشد نعى السيد بما يليق بمكانته كمرجع عظيم، وكأب ناصح امين لمجاهديه وقادته.. " المرجع الراحل كان سفرًا خالدًا في ميادين الحوزة العلمية وحلقات تدريس العلوم الدينية ورعاية المنظمات الاجتماعية التكافلية، فضلاً عن مقارعته النظام المقبور ودعمه وإسناده للحركة الجهادية في العراق خلال معاصرته المراحل الصعاب الشداد التي مر بها بلدنا الصابر، ومنها محنة الإرهاب الدموي وما رافقها من تداعيات حتى تأسيس الحشد الشعبي الذي نال دعمه المؤثر ووصاياه المهمة إلى جانب بقية المراجع العظام في النجف".
نعم..الحشد يرى أنّ "الفقيد ترك إرثًا كبيرًا وخطًا سيظل ماثلاً في سبيل حفظ الدين وحماية الأرض والمقدسات".
المرجع الفقيد كان "حشداويا" بكل معنى التوصيف والكلمة..هنيئا له خاتمة سفره الخالد التي نال بها منزلة الشهداء والصديقين..
شكرا
5/9/2021
https://telegram.me/buratha