أمل هاني الياسري ||
· نساء عاصرنَ الأئمة وعشنَ أبداً/13!
أحد المواقع الألكترونية قرأت فيها، موضوعاً عن دور النساء، في الحياة السياسية بالعصر الإسلامي، وبالفعل فإن الحضور البارز للنساء بملحمة كربلاء، يعطي صورة خالدة عن دورهنَّ؛ لتوضيح أسباب ثورة الإمام الحسين(عليه السلام)،وما جرى لأهل بيته بعد إستشهاده، كما فضح شخصية يزيد الطاغية، وقبح أعمال الخلافة الأموية المنحرفة، وقد شاركت نسوة من المدينة، بل ومن غير المسلمات في رحلة الكرامة، مع عقيلة الطالبين السيدة زينب (عليها السلام)، فإستشهدنَ مع الزوج والولد، فداءً لأبن فاطمة الزهراء(عليها السلام).
أم وهب زوجة عبد الله بن عمير الكلبي، دفعت بزوجها صوب الميدان، لمقاتلة أزلام يزيد قائلة:(فداك أبي وأمي، قاتلْ دون الطيبين ذرية محمد صلواته تعالى عليه وعلى آله)،وعندما أصيب زوجها بيده اليسرى، أخذت عمود خيمة وتوجهت للقتال، فأقبل زوجها نحوها ليردها للخيمة، لكنها رفضت، وقالت:(إني لن أدعك تموت دون أن أموت معك)، فلما قُتل جلست عند رأسه وهي تقول: (هنيئاً لك الجنة، وأسأل الله أن يلحقني بك)، فقال الشمر لغلامه رستم: إضرب رأسها فماتت بمكانها.
ليلة عظيمة للمكاشفة مع أنصار الحسين (عليه السلام)، وهم يدركون أنهم ماضون نحو الشهادة، وأن أجسادهم الطاهرة ستكتب قصة إنتصار الدم على السيف، فالرجال ينتصرون للحق، والنساء تواسي عقائل بيت النبوة، وهنَّ يكابدنَ ألم رحيل الأحبة، وفقدان فلذات الأكباد، ومسيرة السبي وماحملته من ترويع الأطفال، وترهيب النساء، لكن إمرأة كأم وهب على كبر سنها، ما الذي حملها للقتال، مع إنه ليس مفروضاً عليها؟ والحقيقة أن العشق الفاطمي لهؤلاء النسوة، هو الذي صنع منهن ثورات لا تنطفئ أبداً.
هناك أم وهب أخرى، ولكن هذه المرة من ديانة أخرى إنها (أم وهب النصرانية) التي أعلنت إسلامها للإمام الحسين (عليه السلام) قبل رحيلهم لكربلاء، وعاصرت مسيرته وملحمته في واقعة الطف، فعندما قُطِع رأس ولدها (وهب)، إنطلق النداء مجدداً:(لن أدعك تموت دون أن أموت معك) فأخذت سيفاً وتوجهت نحو الميدان، فقال لها الإمام:(يا أم وهب إجلسي فقد وُضع الجهاد عن النساء، إنكِ وإبنكِ مع جدي محمد صلواته تعالى عليه وعلى آله في الجنة) فما سر ذلك؟!
العراق في أوضاعه الراهنة، تخرجت منه الآف من نوعية أم وهب، فدفعت بالزوج والأبن، لقتال الأمويين الجدد في طف جديد؛ ليواجه معسكر الحق المرجعي صعاليك داعش، ويحفظوا الأرض، والعرض، والمقدسات، وكل واحد منهم يهتف: لن أدع القضية تموت، مهما بذلنا من دماء وأرواح، فكلنا فداء لسبط المصطفى، وبضعته الزهراء، وووليه المرتضى (عليهم السلام جميعاً)، نعم هناك سيدات كُثر، كأم وهب هذه الأيام في عراق الحسين، فسمة مدرسته العزة والإباء، للرجال والنساء على حد سواء.
https://telegram.me/buratha