عمار محمد طيب العراقي ||
ذاكرتنا ليست مثقوبة، وما زالت صورة جرافات البلديات في مختلف انحاء العراق، ماثلة أمامنا في أوائل عهد السيد عادل عبد المهدي، وهي تحطم أكشاك باعة الخضار والمواد الإستهلاكية في ألأسواق الشعبية في بغداد والمحافظات..ومازالت مناظر أسى الفقراء المتضررين، تحتل مساحة عيوننا بقسوة.
كان واضحا أن من كان يقوم بذلك، هم مدراء البلديات وأمينة بغداد، ممن يدينون بالولاء لرئيس الوزراء الأسبق، مستخدمين هذه الوسيلة الدنيئة، كسبيل لإسقاط السيد عادل عبد المهدي، الذي وجد نفسه حينها في حيص بيص، فلا هو قادر على إيقاف تلك الحملة الشعواء، لأنها كانت تنفذ تحت غطاء القانون، ولا هو يستطيع إظهار عدم تأييده لها، لأنها ربما كانت تجد قبولا أو تأييدا منه، لأنه كان يسعى الى أن تظهر مدننا بمظهر اجمل، لذلك وجدناه سكت عنها، فكانت تلك الحملة إيذانا بسقوطه، بعدما تظافرت عوامل أخرى على إسقاطه..لكن الحصيلة هي ان خصومه لعبوها صح، فسقط.!.
لهذا فمن الواضح ان لحملة رفع التجاوزات الحالية مأرب اخرى؛ غير ان تتكيء عليها، أو تهش بها الحكومة على غنمها، وغير التى أعلن عنها في وسائل الإعلام، ومنها سيادة القانون والقضاء على العشوائيات..
بلا ريب أن الهدف أكبر من ذلك بكثير، فهي وسيلة تكتنز خبثا ومكرا كبيرين، لإحداث إرتباك مجتمعي كبير، وإيذان بسلسلة إحتجاجات كبرى، لأن المتضررين من عملية إزالة التجاوزات فئات فقيرة، ليس لديها ما تخسره بعد خسارتها مصادر أرزاقها، ومعهم فئات ناشطة إقتصاديا من أصحاب المصالح والحرف والمحلات التجارية، وضعوا كل ما يملكون بما تقوم "شفلات" البلديات بهدمه..
قراءة المشهد السياسي تكشف؛ أن الهدف الأكبر والأهم لهذه الحملة الممنهجة، هو إجبار القوى السياسية والدولة، على قبول تأجيل الانتخابات التي أسميناها مبكرة، مع أننا بتنا نقترب كثيرا من موعدها الدستوري..
هنالك صور مؤلمة ترافق هذه الحملة، وهذه الأفعال التي تتسم بالخبث، ستكون توطئة لمظاهرات كبيرة، يقوم بها حلف التأجيل، وربما سيفلت العقال، ولن تكون هنالك إنتخابات، لا بموعدها المبكر بعد أقل من خمسين بوما، ولا بموعدها الدستوري في شهر أيار من العام 2022..وسنذهب الى المجهول، بحول الغباء السياسي وقدرته، وبعدم فهم أصحاب القرار لما يدور حولهم ويحاك ضد شعبنا وآماله..
الهدف الأكبر هو إبقاء المحتل الأمريكي، بدواعي المساعدة بضبط الأمور، ومنع العراق من الذهاب الى المجهول، وسيحصل ذلك قريبا، وعندها سيتكيء المحتل على عرش من آلامنا!
مرة أخرى يمكن لنا ان نعيد التذكير مرارا وتكرارا، أن بداية التضاهرات الكبرى في تشرين كانت أهم اسبابها هي محاربة (المكاريد) في ارزاقهم!
أن عملية تأجيل ألانتخابات، تمثل أيضا رغبة الكتل التي فقدت ظلالها، ولم يعد لها مقبولية لدى الجمهور العراقي، وهي فوضى تنتج بعدها دعوه لتأجيل الانتخابات بحجة الوضع الغير امن، ولهذا هي تعمل على التأجيل كي تلملم صفوفها، وتعيد بناء ساحات جماهيرها، فقد اكتشفت أنها فقدت كثيرا، جراء سياساتها الفارغة من محتوى خادم للشعب، وأن التعبئة العاطفية لم يعد لها نفع، وأن خسارتها واقعة لا محالة، وسيتراجع وجودها في المشهد السياسي بشكل لافت..وهو أمر لا يريد ان يراه فراعنتها.
إذا كان الهدف هو فرض هيبة الدولة، فإن السيطرة أو تحويل بوصلة هذه الحملة، وبنفس القوة نحو وجهة أخرى، سيكون اجدى وأنفع، ومنها على سبيل المثال، أحكام السيطرة على المنافذ الحدودية ووارداتها، والسيطرة عل َواردات الحقول النفطية الشمالية والتي تذهب وبلا رقيب عتيد لخزانة سلطان كردستان.
شكرا 26/8/2021
https://telegram.me/buratha