المقالات

السياسة؛ فن الأخلاق إلا في العراق..!

1448 2021-08-23

 

قاسم العجرش ||

 

اليوم قررت أن أكتب في موضوع أخوط به بجانب الإستكان..! موضوع يرى كثيرون الخوض به بطرا، فالأخلاق لم تعد مهمة في حياة العراقيين، ولا تحتل حيزا في سلوك كثيرين كما كانت أيام زمان، أيام كنا نقبل أيادي أمهاتنا عندما نخرج، ونقبل جباه آبائنا عندما نعود..

تعج وسائل الإعلام العراقية، المرئية والسمعية، ومعها بحر متلاطم من وسائل التواصل الاجتماعي، التي تنشر بلا ضوابط في كل لحظة، نشاطا إعلاميا يفتقر الى الموضوعية، ويعاني من عوز أخلاقي كبير..

من زاوية الأخلاق، نكتب هنا محاولة لتفسير ما يحدث فى العراق والمنطقة، من صراعات ونكبات مجتمعية، وانتكاسات هائلة فى السياسة والاقتصاد والأمن والأمان.

لكل حدث جذوره ومسبباته ونتائجه ومعطياته، وقصة الأخلاق في مجتمعنا العراقي، قصة تدمي القلب، فقد تراجعت الكوابح الأخلاقية تراجعا خطيرا، وتدنى مستوى الالتزام بالقيم والأعراف الإيجابية الى مستويات مقلقة، وتهشمت علاقات وعادات مجتمعية حميدة، كنا نحسب أنها ستبقى صامدة أبد الدهر.

نكتشف أن هذا التراجع المخيف، لم يكن ضمن النواميس الطبيعية، أو نتيجة لدورة الحياة وتطوراتها، بل بات في حكم المؤكد أن عملا كبيرا، جرى تنفيذه بدقة ومهارة فائقتين، لنصل الى هذا الحال المحزن..هذا العمل كان ممنهجا، عملت عليه جهات خارجية وداخلية، ومن بينها جهات؛ كان يفترض أنها هي الحارس الأمين على قيمنا وثوابتنا..

لقد تحطم كابح الأبوة العتيد، ونقصد بالأبوة بمستوياتها جميعا، حيث إن مصاديق الأبوة لا تقتصر على الأسرة الصغيرة، بل تتعداها الى العشيرة والمؤسسة الدينية، والدائرة الحكومية، والتنظيم النقابي، والحزب السياسي، والوحدة العسكرية، وجهاز الشرطة، وغيرها من البناءات والفعاليات المجتمعية ذات الطابع الأبوي..طابع المسؤولية..

الأمس في هذا المضمار؛ كان أفضل من اليوم بكثير، وكانت الأبوة عنوان مجتمعنا وضابطته الصارمة القوية، لكن حينما تحطمت هذه الضابطة بفعل المفاعيل التي أشرنا اليها، تحطمت معها قيم المجتمع وثوابته، وتحولنا الى دهماء، نتحرك بلا هدى إلا هدى مصالحنا، التي باتت هي غايتنا، والغاية تبرر الوسيلة..!

الأخلاق شكل متقدم من أشكال الوعي الإنساني، وهي السجايا والطباع والأحوال الباطنة؛ التي تُدرك بالبصيرة والغريزة، وتنتج منظومة القيم والمبادئ التي تحرك الأشخاص والشعوب، كالعدل والحرية والمساواة، تتكامل فيما بينها وترتقي، إلى درجة أن تصبح مرجعية ثقافية للأمة، لتكون سنداً قانونياً تستقي منه الدول الدستور والأنظمة والقوانين.

لقد تدنى وعينا، ووصلنا الى الحال الذي وصلناه، وأخطر مجال شهد نكوصا خطيرا في وعينا؛ هو المجال السياسي، حيث حول معظم المنخرطين بالحقل السياسي، السياسة من التنافس السياسي الشريف، الى الخصومة السياسية، التي ما لبثت أن تحولت الى نزاعات ثم الى صراعات، تستخدم فيها كل الأدوات المتاحة، بصرف النظر عن مشروعيتها، وعن الأضرار الناتجة عن ذلك، وعَمَّنْ تصيب، وعمّا تتسبب به من تعميق الاختلافات بين فئات المجتمع، وتحولها الى خلافات، ما تلبث أن تتطور الى صدامات، تفتقر الى قواعد اشتباك متفق عليها ولو ضمنيا، على قاعدة هذا حدي وذاك حدك..!

إن أفدح خسارة يخسرها المجتمع، هي تلك التي تحدث جراء اعتناق مفهوم ” الغاية تبرر الوسيلة”، وهو مفهوم لا أخلاقي بالمطلق، فضلا عن كونه مفهوم لا يراعي الثوابت المجتمعية، ويخالف الإيمانات الدينية، التي ترى أن أحد الأهداف النهائية للسياسة، هو نشر الأخلاق.

التدين لا يرى ممارسة للسياسة بمعزل عن الأخلاق؛ فغاية السياسة هي تحقيق الصالح العام، ويتحقق الصالح الخاص، من خلال الصالح العام وليس العكس.

كلام قبل السلام: السياسة هي فن الأخلاق إلا في العراق..!

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك