أمل هاني الياسري ||
(قرأت عن علي شريعتي أنه قال ذات يوم لصديقه: لمَ لا يصيح ديككم؟ قال: إشتكى منه الجيران لأنه يوقظهم من نومهم في الصباح فذبحناه، وهنا فهمتُ أن كل مَنْ يوقظ الناس يقطع رأسه) وأنا من جانبي قلتُ في نفسي: صحيح يتداول الناس إسم الدجاج ولا أحد يذكر الديك، والسبب أن معظمهم يفكر بما يملأ بطونهم لا بمَنْ يوقظهم صباحاً للصلاة!
الثقافة الحسينية يجب أن تبدأ، بكون الشعائر والطقوس في مجملها، هي حديث عَبرة وعِبرة، وسلوك مستقيم، ومنهج عظيم للنصرة، وثورة وفاء لسيد الشهداء، والإنتصار للحق والإصلاح في أمة جده، حيث قربته كربلاء من الله قرباً معنوياً، وليس مادياً ومكانياً أو زمانياً، وهذا لا يقتصر على أصحاب القضية الكربلائية، بل تعداه الى أنصار، وعشاق، ومحبي، وموالي، وزوار الإمام الحسين (عليه السلام).
رأس الإمام الحسين (عليه السلام)، كان ولا يزال مصدر انفجار سرمدي، في عمق الضمير الإنساني، حيث عاشت الأمة بدعاً وإنحرافاً أموياً لتشويه الدين، وأمام الخيارات الصعبة، كان البيت العلوي الحسيني يستعد للإنتصار، فدم الحسين أيقظ الأمة، وخلّد النهج القويم، وأشعل مصباح الهدى، فتخطت تضحياتهم كل المسافات والأزمنة، والحق يقال: كيف تُهزَمُ أمةٌ مرتبطةٌ بماضٍ أسمهُ الحسين وبمستقبلٍ أسمه المهدي (عج)؟!!
أنصار القضية الحسينية بثقافتهم الرصينة، وبمختلف مسمياتهم يدركون جيداً، أن هدفهم هو الإستقامة والإصلاح، ولا شك أن ثقافة الشهادة المصيرية، بقائدها الإمام الحسين (عليه السلام)، تلعب دوراً مهماً في تمزيق صفوف الأعداء حيثما كانوا، وتمنعهم من التسلل الى الإسلام، فما أكثر وأعظم من بركة ثقافة الشهادة الحسينية، فيكفينا فخراً أن شباب الحشد، لبى نداء الجهاد إيماناً منهم، بقضية حفظ الدين، والمقدسات، والأرض، والعرض.
أهداف عظيمة وغايات نبيلة، حصيلة مسيرة الجهاد للإمام الحسين، وأهله، وأنصاره؛ لمقاومة الطغيان والإستبداد الأموي، وهي رحلة منسجمة مع حركة التأريخ والإنسانية؛ لأنها خط رسالي وراثي، حمله الأنبياء ومن ثم الأوصياء، فكانت دماؤهم ثمرة النصر، والتفرد في العنوان العالمي، لخلود قضية كربلاء والحسين معاً، لأنهما ثورة ترعب الظالمين، وتطفئ طغيانهم وجبروتهم، وهذا هدف تعبوي كبير للأمم، على مر العصور وكر الدهور.
جسد الإمام الحسين (عليه السلام) مسجى على رمضاء كربلاء، ورأسه فوق الرمح يريد الإصلاح والتغيير؛ لإعلاء كلمة الدين المحمدي الحنيف، وليس دين آل يزيد عليهم اللعنة، فكانت نهضته موسماً، لكل الاحرار والشرفاء في العالم، فالحسين (عليه السلام) ليس ملكاً لأحد بل ملك للجميع، صوته يصدح بأفكار ومضامين، يأخذها كل مَنْ يريد أن يكون رمزاً لشعبه وأمته؛ لهذا أرادوا قطع رأسه.
https://telegram.me/buratha