حافظ آل بشارة ||
الانتخابات توحي دائما للشعب بأن جميع السلطات القائمة سوف تتغير ، وسوف تقود النخبة الجديدة المنتخبة البلاد اربع سنوات ، فتصلح ما فسد من الامور وتكمل نواقص التجربة الديمقراطية ، وسوف ينفذ التحالف او الحزب الفائز رؤيته في ادارة الدولة ، وعادة تتنافس الاحزاب في تقديم البرنامج الافضل لخدمة الشعب ، فالحزب الذي يريد كسب الجمهور يجب ان يتبنى مطالبه ، فالجمهور له مطالب والاحزاب لديها رؤية مطلبية ايضا ، وكل هذا يجري في البلدان المستقلة التي تملك قرارها وتحكم نفسها وتفكر بمصالح شعبها ، اما البلد المحتل فالامور فيه كلها تجري بشكل آخر ، لأن فقدان السيادة والاستقلال وحرية القرار يجعل البلد تابعا ومقيدا ، والمحتل هو صاحب القرار ويفكر بمصالحه قبل التفكير بمصالح البلد الواقع في قبضته ، فالدول الكبرى عندما تحتل بلدا تريده ان يبقى ضعيفا سياسيا وامنيا واقتصاديا ، وتريده ان يفقد هويته الثقافية ويقلد ثقافة البلد المحتل ، وكل الذي يريده المحتلون في النهاية منع ظهور جيل مقاوم في البلد ينادي بالتحرير وهذا مطلب اساس .
اذن ماهو هدف الانتخابات التي تجري برعاية الاحتلال ؟ اذا كانت التنمية الشاملة ممنوعة والبناء والاعمار والاستثمار ممنوعا ليس بقانون او بأمر بل ممنوع عن طريق رعاية الفساد وتسليم الادارة بأيدي الفاسدين ، يجب ان يبقى بلا بنى تحتية ولاخدمات . ان هناك سببا واحدا يجعل الناس يتفاعلون مع الانتخابات التي تجرى برعاية الاحتلال ، وهو شعورهم بالأمل بأن يدخل الشرفاء في الانتخابات ويصبحوا جزء من البرلمان والحكومة ويعملوا لأجل شعبهم ، وشعورهم بالأمل بأن القوى المجاهدة الشريفة تدخل بقوة وتتعاون من اجل ادارة شؤون شعبها مع وجود الهيمنة الاجنبية ، ولا يستطيع الاحتلال استخدام ادواته للتخريب اذا استطاعت القوى الوطنية المخلصة ان توحد صفها وتشكل جبهة وطنية للمقاومة السياسية فيكون الاحتلال مجبرا على احترامها والنزول عند رغباتها ، بامكان القوى المخلصة الفائزة في الانتخابات ان تشكل الحكومة وتوفر اغلبية في البرلمان ، وتفرض خياراتها على الاحتلال ، لكن لنكن واقعيين هل توجد قوى وطنية في العراق حاولت لغاية الآن ان تشكل جبهة سياسية تهدف الى اعادة بناء الدولة وفرض هيبتها والعمل بالقانون والاهتمام بالشعب وقضاياه ؟ نعم يوجد مخلصون نزهاء اكفاء واصحاب تأريخ وآخرون افرزتهم الانتخابات السابقة ، وكانوا حاضرين في الساحة لدورات عديدة وان كانوا قلة لكنهم كانوا غير منظمين سياسيا ، ولم يحاولوا ان يوحدوا صفهم ويعملوا كحزب او تيار مطلبي له الياته ، وكانوا يتعرضون للتهديدات العلنية والسرية لذا كان دورهم محدودا .
اذا كانت الانتخابات المقبلة مثل سابقاتها في طريقة الاجراء والنتائج وطريقة تشكيل الحكومة والتوافقات والمحاصصة فلن يتغير شيء ، وسوف ترحل كل المشاكل والمعضلات السابقة الى الدورة المقبلة بتفاصيلها .
https://telegram.me/buratha