المقالات

الإحتلال الأمريكي للعراق..عَودٌ على بدء


 

عمار محمد طيب العراقي ||

 

ارتبط ظهور تنظيمي القاعدة وداعش في العراق، بالتواجد الأمريكي على ارضه، سواء بعنوان الإحتلال المباشر، وهو ما حصل منذ 2003 لغاية 2011، او منذ 2014 لغاية اليوم، تحت عنوان محاربة الإرهاب..مع الأخذ بنظر الإعتبار؛ ان الإدارات الأمريكية المتعاقبة أعترفت أن داعش وقبله القاعدة؛ كان صناعة أمريكية خالصة، بمعنى أن الأمريكي يحارب صنائعه، وهذا أمر يدعو الى التأمل..ان تصنع أداة ثم تحاربها، بمعنى ان المراد هو الحرب من أجل الحرب، أو بمعنى أدق أنهم أوجدوا داعش في العراق والمنطقة؛ حتى يوجدوا لأنفسهم  مسوغات الحرب ثم البقاء..

الأمريكي أُسقط بيده، ولم تعد مهمة محاربة الأرهاب؛ مسوغا صالحا لتبرير بقاءه، لأن أبناء العراق نجحوا في محاربة داعش، بل وأذاقوه مر الهزيمة، بطريقة كانت خارج حسابات المُخطِط الأمريكي، لأنها ليست معهودة في ثقافته ومتراكمه المعرفي، فقصة الفتوى وتشكل الحشد الشعبي، لم تكن في مدركات سادة البيت الأسود، لذلك وكي يحافظ على وجوده العسكري المباشر؛ الحامي لمصالحه المتزايدة في العراق والمنطقة، إنتقل الأمريكي الى الخطة باء..

الخطة باء؛ تقتضي أن ينحني قليلا، لعاصفة الرفض العراقية للوجود العسكري المباشر، فلجأ الى طريقة لبس طاقية الإخفاء، وهي التستر تحت ثوب الأستشارة والتدريب، وهي طريقة نعتقد أنها لن يكتب لها ان تدوم طويلا، لأن العراقيين ليسوا بالحقيقة بحاجة الى التدريب والإستشارة الأمريكية، سواء للجيش او الشرطة الذين يتحركون عسكريا وفقا للعقيدة العسكرية الشرقية، أو بالنسبة للحشد الشعبي، الذي يتحرك وفقا لعقيدته العسكرية الخاصة، وهي بعيدة كل البعد عن العقيدة العسكرية الأمريكية، بل ومناقضة لها تماما. 

منذ 2014 حينما ظهر الوليد الأمريكي الداعشي، ومنذ أن تقدمت حكومة العبادي الى مجلس الأمن؛ بتولي مسؤولياته الدولية بمحاربة الإرهاب في العراق، ومنذ الإتفاق السري الذي ابرمه العبادي مع الأمريكان، ودعاهم فيه بموجب إتفاقية "صوفا" التي ابرمها سلفه المالكي معهم، للعودة الى العراق بعنوان المساعدة في محاربة الإرهاب، كانت أمريكا تدير الأحداث عن كثب، وتوجد هوامش للأطراف الموالية لها، باحثة عن كيفية تشكيل مشهد جديد بعد الإنتصار على داعش، تتمكن من خلاله في فرض وجود أوسع على العراق، وكانت أمريكا في حالة بحث دائم لإيجاد بديل، يتسلم الراية ويقدم تنازلات أكثر لها، وتتمكن من خلاله من الاحتلال المعلن والرسمي للعراق، وما جرى منذ أواخر 2019 لغاية اليوم، يثبت أن أمريكا، هي التي كانت تدير اللعبة، وتتحكم في مجريات الصراع السياسي، ولا تشرين ولا بطيخ ولا هم يحزنون!

لقد استخدمت أمريكا هذا ألأسلوب، كغطاء وذريعة للسيطرة والتحكم في كل مكان وطأته بساطيل جنودها، والتواجد العسكري المباشر على الأرض، في اليابان وكوريا وتايوان، وكمبوديا وأفغانستان، واليمن والصومال ولبنان، وقامت باستباحة الأجواء وإنشاء قواعد عسكرية أينما حلت، الى الحد الذي بات فيه هذا الأسلوب المتكرر، نكتة سمجة، لكن أصحابها هنا في العراق ضحكوا لها، فيما كان العراقيون يعظون النواجذ بإنتظار ان يضحكوا منها وعليها..!

الإتفاق الأخير بشأن تحويل الوجود العسكري الأمريكي؛ من الصفة القتالية الى الصفة الإستشارية التدريبية، يعد مؤشرا على أن مسار السيطرة العسكرية والأمنية والسياسية، سيأخذ واقعا أوسع مما كانت عليه.

القاعدة العلمية العملية سياسيا تقول، أن النفوذ السياسي الأمريكي يتواجد ويزداد تغلغلا، في البلدان التي تعاني سلطاتها؛ من فقدان المشروعية الشعبية والمشروع الوطني، وقد كانت أمريكا حريصة على إبقاء الأنظمة والحكومات في الشرق الأوسط، مجردة من أي مشروعية وانتماء وطني وشعبي..هذا ما سيعمل عليه الأمريكان في القريب العاجل..

بناء نظام سياسي حاكم يفتقر الى المشروعية والمشروع، نظام ضعيف هزيل ليس له سلطان حتى على ذاته التكوينية..!

شكرا

28/7/2021

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك