المقالات

ما بعد قصف القائم..!


 

محمد كاظم خضير ||

 

يُنكر ذوو الإحساس العالي بالكرامة على عامة الناس أن ترتضي عيشاً في وحل القهر والذل حتى لو كان عيشاً مستقراً وهانئاً، في حين يتعجب نفر من عامة الناس كيف يمكن للفئة الأولى أن تعيش حياتها ملاحقة ومستهدفة ومهددة في حياتها  وحتى سمعتها، ذلك أن الذين لا يرون الكرامة أولوية لديهم يفترضون أن الجميع مثلهم، ولهذا يشكل عليهم فهم دوافع شجاعة بعض الناس وإقدامهم، وتضحيتهم بالحياة الآمنة الهانئة مقابل الانتصار لمبادئهم التي يؤمنون بها، والدفاع عن جملة القضايا التي يحملونها، ولهذا أيضاً ومن هذا الباب يدخل عامل تشويه السمعة الذي تنتهجه الولايات المتحدة الأمريكية ، ضد الحشد الشعبي ، فحين يرى البسطاء، في فهمهم أو همّتهم، قوة مثل الحشد ذات شجاعة نادرة وعصيّة على التفسير أو الاستيعاب يبدؤون بالتساؤل بشأن ما يُطلق حولها من شائعات، ضدهم .

تحدّثنا وكتبنا كثيراً منذ قصف القائم الاخير  وحتى اليوم، عن الجريمة القصف ودوافعها ومغزاها، وعن الحشد الشعبي في القائم وما يمثّله، وعن أثره القصف على الحشد الشعبي في مدينة القائم وبعد القصف ، لكننا اليوم نعيش تداعيات شاقة، لا تقل صعوبة عن وقع الجريمة ذاتها، وسط طوفان التزييف والتشويه ضد الحشد الشعبي ، ومن التسقيط المعنوي والجسدي لكل فصائل المقاومة التي باتت هدفاً للتصفية أو التحييد، والتي يُراد اليوم إسكاتها، بقوة القصف ، وبالتهديدات المختلفة من وراء الكواليس.

إذن، نحن اليوم نعيش مرحلة مفصلية، لا يكفي فيها أن نقرّر أن (ما بعد حدث القصف لن يكون كما قبله)، ولا أن نطلق النصائح والتوجيهات من بعيد، و أن نقول للحشد الشعبي : افعلوا هذا ولا تفعلوا ذاك، ولا أن نطرح تصورات حالمة وخيالية وغير قابلة للتطبيق، ولا أن نساهم في تيئيس الفاعلين بالتقليل من أثر رد قصف الأمريكي.

المطلوب اليوم أولاً أن نزرع الوعي بضرورات عدم السماح بتمرير الجريمة قصف القائم ، وأن نستنهض الهمم الخاملة لكي تقول كفى نزيف لدم العراقي لا، أن يفهم المجموع أن عليه التحرك ليس فقط استنكاراً لما حدث، بل أيضاً لأن التحرك ضامن لكي لا نعيش فصول جريمة القصف من جديدة، لكي لا يسيل دم أكثر، لكي لا يصبح قصف الحشد الشعبي في القائم منهجاً مألوفا، كما سبق وجرى مع الاعتقالات السياسية ومحاربة الحشد الشعبي .

ويمكنني الآن أن أسرد عشرات القصف الذي  حدث على فصائل المقاومة منذ 201‪4الي الان ، والتي كان يمكن أن يمنع تكرارَها وجودُ حاجز ممانعة سياسي لها، لو كان صلباً ومستمراً وجدياً بما يكفي، ولكن ثمة قلة ظلّت وحدها تتحمل أعباء الرفض ومجابهة الظلم، وقلة أخرى كانت تتحرك حين تُمسّ هي، وأكثرية كانت تكتفي بالمشاهدة، والرضوخ للتهديد ولإملاءات المرارة والتركيع، مكتفية بانتظار الفرج، أو لامبالية بحصوله ما دامت نار الظلم لا تطال بيتها.

اليوم تريد أمريكا بأدوات  ترهيبها وتهديدها وتزييفها للحقائق أن تقتل  كرامتنا الحشدواية وأن تجعل الجيل الجديد يكبر وفي ذهنه صورة الذل ولانهزام التي تصادم أطراف شعبها بدل أن تدوس رقاب عدوّها.

ونحن اليوم جميعاً من سنقرر: هل نريد لأبنائنا مستقبلاً مشبعاً بالكرامة وبالإحساس بقيمة الحرية، أم مجرّد حياة كيفما اتفق؟ ولكن علينا أن نتذكر دائماً أن هذا الجيل الحشدواي هو الذي سيحمل راية مواجهة الاحتلال وسياساته المتغولة على حقوقنا، ولا يمكن للأكف المرتعشة، الزاهدة بكرامتها، أن تحمل راية بثبات أو تجابه عدواً بإقدام.

اللهم احفظ حشدناو بلادنا من كل شر

كاتب ومحلل سياسي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك