المقالات

كيف رتّبَ الوليّ إعادة عصر الخُميني؟!

1085 2021-06-23

 

مازن البعيجي ||

 

إن أبرز ماتميّز به الوليّ الخامنئي المفدى، هي مزيّة التوكل على الله "سبحانه وتعالى"وثقته بالإسلام المحمدي الأصيل وهو على سر أستاذه الخُميني العظيم، فالمدرسة واحدة والمنهج واحد ، والتوكل على القوي الجبار هو السلاح الذي طالما تنكّبهُ وأمسكت به روحه حتى تفتَّقت له منافذ الإستشراف وشطآن المعرفة السياسية وكواليس ما يرتّبُ له بالضد الغرب الكافر المتمثّل بأمريكا الشيطان الأكبر!

وهو العالِمٌ بالهدف المراد من تأسيس هذه الدولة المباركة والتي تكالبت عليها قوى الشر بغية تغيير نظامها الإسلامي الرصين وطمس نهجها الاصيل الذي مافتِئَ يهدّد العالم الاستكباري بأجمعه، وقد تحققت نسبة نجاح لهذا الحلم العدواني بسبب بعض الانحرافات لساسةٍ تعاقبت في إدارة إيران الإسلامية وكان البعض منهم عملاء لم يَرُق لهم النظام الإسلامي فغازلوا أحلام الأعداء ، إذ شكّلوا عاملًا مهمًّا في التغيير الحاصل في بعض المبادئ التي طالما كانت دولة الفقيه في زمن الخُميني العزيز تزخر بها تطبيقًا في الساحة ، إذ كان للشعب الأيراني دورًا فاعلًا في تطبيقها والأخذ بها بكل إيمان وقناعة .

وهذا ماعقّد المشهد وأربك خطط دولة التمهيد وأعطى صورة مغايرة لاتنسجم مع الهدف الحقيقي والمهمة المقدسة والخطيرة والتي من أجلها تأسّست تلك الدولة المباركة بكافة أَبعادها وسِماتها. وقدّمت في ذلك السبيل كل تلك الجماجم التي من صِدقها دفعت الرُّشى لنيل شرف الشهادة ، أولئك أنبياء الدفاع المقدس الذين حملوا وسام شرف الدفاع عنها وعن قيمها الإسلامية بالغالي والنفيس ، الأمر الذي دفع الولي الخامنئي المفدى لينظر بروحه المطمئنة والمنفتحة على الله "سبحانه وتعالى" رغم عاديات العواصف التي تهب من جبهات الأعداء ، وهي مَهمَّة خطيرة بلاشك لم تكن لتصمد لو لم يكن المشروع الاسلامي الثوري مستنِدًا الى تصورات ومفاهيم وقيم قرآنية مستنّة بتجارب رسل السماء والاولياء من بعدهم ، وأنّ امتداد ذلك الحدث الإسلامي العملاق عشرات السنين ما هو إلّا نتاج دراسة معمّقة لا قشرية الافكار التي تستند على الأقوال دون الافعال، علاوة على التضحيات والمواقف التي بلغت حدّ النفائس والجود بالأنفس فليس كل ذلك من فراغٍ أو لا شيء يعضدها أو يسندها !!

حتى بدأ مشوار الأستشراف الدقيق مخبِرًا عن عهدٍ جديد عبر عودة الزمن الخُمینيّ بحُلّةٍ خامنائية، ولكن على أيّ نحو تكون تلك العودة؟!!  يقول الخامنائي: أنّ أهم مسؤولية تقع على عاتقنا هي معرفتنا بخصوصيات العصر الذي شرع فيه الإمام "قدس سره" بإعلان نهضته واضعًا شعبه‌ في خضم ذلك العصر ومعامع ذلك الدهر، معلنا ذلك كله على على الملأ، وليس هذا وحسب، بل لابد لنا من الحفاظ على تلك الخصوصيات والثوابت ثمّ ضبطها في خواطرنا وذاكرتنا قبل تحويلها الى منجزات ومشاريع على مستوى التنفيذ ، ومن غير الممكن إتمام كل ذلك مع حكومة لا تؤمن بمطلق  منهج "ولاية الفقيه" الخُمينية بمزاياها من يوم ولادتها ، إذ لابد من خلق ظروف مادية ملموسة تمثّلت بالاعتماد على نفس الشعب المؤمن بها ومحاربة الساعين الى إِخضاعها وتوريد يد العملاء لها، ومن جهة أخرى كانت تحتاج تلك المَهمَّة لشدة صعوبتها، الى محرٍّك يُسقط القوة التي تكونت بين أيدي حكومة الإصلاحيين الذين ظنّوا واهمين في لحظة أنه بعد حصولهم على نسبة عالية من الأصوات في الدورات الانتخابية السابقة سوف يستطيعون تغيير مسار الثورة الاسلامية وزحزحة ثوابتها رغم أنهم في الظاهر يتباهون بالانتماء الى الثورة الإسلامية والإيمان بمبادئ الامام الخميني مؤسس النظام الإسلامي في إيران ولم يظهروا معارضة يوما ما، لكنهم لم يضعوا في حسبانهم تلك النظرة الحكيمة المبصرة وذلك الرشد الذي يتمتع به الامام الخامنئي والذي يحظى حسب الدستور بصلاحيات واسعة جدا ومنها صلاحية إلغاء اي قانون يقرّهُ الدستور ومجلس الشورى.

ولهذا فأن هؤلاء لم يقدّموا الخدمة الحقيقة المنبثقة عن الأهداف الخمينية السامية ولو بعد مائة عام!! في الوقت الذي اصبحت فيه الرؤية الخامنئيّة بضرورة العودة  للمنهج الخُميني تطبيقًا مسدّدا يصبّ في مصلحة الشعب والأمة الإسلامية ، ومن هذا المنطلق نحن نؤمن أن الله "سبحانه وتعالى" قد أراد للتغيير تقديم أضحية تؤدي إلى تغيير القناعات عند اغلب الشعب الذي لايرى أبعد من مظاهر براقة يرفعها شخوص الإصلاحيين الذين ينظرون الى الغرب بعين الانبهار على انها الامل في القضاء على النظام الإسلامي بأساليب ناعمة جعلت الكثير من فئآت الشعب التخلي عن قناعاتهم ذات الاستقامة والاعتدال!!!

وشاء القدر ليتقدم القربان أضحية في طريق إعادة النهج الخميني الحسيني بشهادة الحاج "قاسم سليماني" ليشكّل منعطفًا عقائديًا إيمانيًا هو بمثابة المحرّك للنفوس، الشاحذ للهمم ، الدافع بالعزائم نحو تحديد المصير ببصيرة ورويّة لا بدافع الحماس وحركة الانفعال الجوفاء إطلاقا!!

وذلك بعد أن دبّ اليأس وأخذ القلق بتلابيب أولئك الرجال المحافظين على النهج الثوري الذي بدأت تحاصره أفكار الإصلاحيين القذرة التي سعت طوال سنين عديدة في مهمة خطيرة لتغيير قناعات الشعب المؤمن بثورته وقائدها بحجة التقدم والانفتاح على العالم !

ومنذ تلك الانعطافة وبلحظة تَغيّرَ الكون بأسره عندما شهِدَ العالَم كيف لجسد سليماني القائد وقد تناثر في أفق بلد المقدسات بلد الحسين سيد الشهداء ليفعل مافعل في قلوب الناس ليولَد يومئذ آلاف العشاق له وقد تمخّض عن ذلك العشق البصير خطّة حكيمة رشيدة للتغيير حيث اختزلها القدر بقانون تصحيح المسارات والتغيير المعنوي الخلّاق ببركة التزامن الذي وافق موعد إجراء الانتخابات وترشيح عدد من كلا التيارين- المحافظ والإصلاحي-

وقد بانت بوادر التغيير تفصح عن نيّتها على لسان القائد المفدى الخامنئي العظيم وهو يشير بحرص الأب الرحيم قائلًا:

(للأسف، البعض في الداخل كان وما يزال يردد كلام الأعداء مؤكداً أن أجواء الانتخابات تزداد حماوة يوماً بعد يوم، لكن البعض يريد بذرائع مختلفة لتثبيط عزيمة الشعب)

وماصرح به السيد الوليّ في كلامه النابع من أعماق الحب والحرص والغيرة على شعبه‌ ونهج الثورة ومؤسسها وهو مؤمن به واثق من تحقيقه متيقّن بنجاحه ، في الوقت الذي ترانا نحن نقلب الأفكار ذات اليمين وذات الشمال ونعدّد الاحتمالات والتكهّنات، ترى!! كيف ستكون مراحل التغيير لتعيد لنا ذلك العصر الزاخر بالسكينة والأمان

حتى أطلّ علينا يوم إجراء الانتخابات ليفتتح القائد المفدى أول صندوق للاقتراع ويضع ورقته المباركة التي تحمل عبق الوفاء للثورة وقائدها المؤسس، واصطفّ الملايين في طوابير، ترفرف فوق رؤوسهم تلك الأرواح النورانية تتقدمهم روح ذلك الحاضر الغائب والذي ببركة دمائه الزاكية انهزم المرجفون لتطلّ روح سليماني والشهداء المخلصين من عليائهم  تسدّد الامة بتسابيح الجنان فتخلق الوعي لدرجة المطالبة بالثأر لدماء الشهداء تلميحا وتصريحا وذلك عن طريق توجيه البوصلة نحو مرشح كان حبيب ورفيق لسليماني لينتخبه الشعب الوفي وبنفس التوقيت الذي استسهد فيه سليماني لتكون رسالة تصفع بها جبين الغرب ومن وثق به من الإصلاحيين في دولة إيران الخُميني والخامنئي لتكشف هذه الرسالة عما وراء سطورها محذرة تارة ومتحدية تارة أخرى لتعلن أن لا لتغيير منهج الخميني العظيم ، نعم للحفاظ على منجزات وثوابت الثورة الإسلامية،  وقد كان كل ذلك بترتيب الوليّ الخامنئي عبر بصيرته الثاقبة ووفقًا ماصرّح خلال كلمته:

"الإحباط وسوء الإدارة إذا وُجِدا، يجب إصلاحهما بالانتخاب الصحيح، وليس بعدم المشاركة".

وقد صدق وهو خبير إدارة الصراع والمكلف بعودة النهج الثوري الخُميني الاول ولاغرابة في تلك الرؤية ورئيسي أول طلائع العودة للعصر الذي لم تندثر تفاصيله بإذن الله تعالى.

(قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)الاعراف ١٢٨

 

البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك