المقالات

بريطانيا..حسابات العالم الجديد!..

1264 2021-06-17

 

د. جهاد العكيلي *||

 

من يتأمل الخارطة العالمية على امتداد التوزيع الدولي، سيجد تلك النقاط الحمراء التي تؤشر له بسهولة كيفية اضطراب الوضع الجيوسياسي بشكل خارج عن المألوف خلال العامين الماضيين، وهو أمر تزامن على وجه الدقة مع تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في الصين في منتصف ايلول من العام 2019 ليجتاح هذا الكوفيد الخارطة الدولية برمتها حتى بدا وكأنه مصارع عنيد وزع ظلمه على الخارطة العالمية من دون تفريق او تمييز بين دولة وأخرى ..

والامر اللافت للنظر ان هذا المصارع العنيد لم يحتل أرضا ولم يسرق شعبا ومنها سرقة المال والثروات الطبيعية، ولا يزال يتحرك بقوة بمجال جوي حيوي متاح له  على الخارطة العالمية  من دون أن يستند او يعقد احلاف دولية او تحالفات استراتيجية ..

بمعنى آخر انه حلف كورونا لوحده ولا علاقة له بالأحلاف التي تتسيد الخارطة العالمية  كحلف الناتو العسكري الذي تشكل منذ العام 1949من الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا وتوابعها للدفاع عن مصالحها في عموم الخارطة العالمية ، والذي ترنح امامه حلف وارشو الذي كان يتزعمه الاتحاد السوفيتي آنذاك، ليؤول مصيره الى دول متفككة ومنها روسيا حاليا التي تحاول الان تمديد اذرعها  لقوى بديلة اخري لمواجهة العالم القديم الجديد الذي يصوغه على الخارطة العالمية حلف الناتو وهذه المرة بقياد امريكية وبريطانية مع انحسار تراجعي واضح للدور الفرنسي فيما تشترك امريكا علنا مع بريطانيا بدبلوماسية ناعمة بتقاسم مصالحها على الخارطة العالمية وهما الدولتان المتحدتان في كل الازمان والظروف ، تقابلهما الصين وروسيا اللتين تحاولان مد يديهما على المائدة العالمية  لتأخذان من الدول حسبما ما تريدانه من خلال تعزيز نفوذهما الاقتصادي والسياسي ..

ويمكن تلمس ذلك من خلال تكثيف التواجد الروسي على سواحل البحر المتوسط وتمدد الطموحات الصينة عبر اتفاقاتها الاقتصادية مع دول عدة متوزعة على الخارطة العالمية ومنها إيران والهند على سبيل المثال، ما ادى الى تغيير ملامح اللعبة في منطقة الشرق بالرغم من وجود بؤر نزاع في دول هذه المنطقة ومنه التوتر الهندي ــ الباكستاني والتوترات في القارة الافريقية على المستويين العربي ولأفاريقي ومنه الصراع السوداني المصري مع اثيوبيا حول السدود التي تقيمها الاخيرة على نهر النيل ..  

وفي هذا السياق الجيوسياسي انفردت بريطانيا بإنتهاج سياسة ناعمة تعتمد الذكاء الدبلوماسي من خلال إعادة جدولة حساباتها في مناطق العالم لمواجهة المارد الصيني المسند روسياَ ، فعمدت على زيادة ميزانيتها العسكرية في المجال النووي وتزعمها مع الدول السبع ضد الزحف الصيني في بقع مهمة واستراتيجية بالاستناد الى حساباتها السياسية والعسكرية وأهمها العراق ..

ولعلي لا اجافي الحقيقة ان قلت ان هذا التنافس المحموم بين دول حلف الناتو والصين وروسيا وما يتبعه من التحكم في الخارطة العالمية قد يكون مقدمة لوقوع تصادمات سريعة لتحييد الناتو للدور الروسي ـ الصيني المعزز بدور ايراني من العيار الثقيل البائن دوره على اشده في دول ساخنة كالعراق وسوريا واليمن، وهي مناطق لا يمكن ان يفرط بها حلف الناتو على الاطلاق ..

أمام هذه المشاهد ومنها مشهد المصارع العنيد كوفيد الذي وحَّد صفوف الأعداء والاصدقاء معا وانزَّل فيهم الكوارث، لا يزال حلف الناتو المزمن يمسك بزمام الصراع في قلب العالم ضمن اجندة جديدة لا زالت أمريكا وبريطانيا تدعوان دول الحلف التي تجاوز عددها الثلاثين دولة على قاعدة ان الحلف سيظل ظالما  لا عادلا ، وهذا هو منطق القوة بعينه التي تفرضه تلك الدول لفرض هيمنها وجبروتها على  دول المنطقة ..

وبلا شك ان  الغطاء الروسي ــ الصيني للنقاط الحمراء الساخنة في الشرق الاوسط تحديدا سيظل يشكل مصدر قلق كبير للناتو، حتى تحجيم طموحات الصين الاقتصادية ذلك ان دول الناتو تجد في الطموح الصيني هذا يشكل تهديدا لأمنها السياسي والاقتصادي، فهل تنتهي اللعبة في هذا الإطار بالتصادم المتوقع، أم ان الحوار والدبلوماسية سيأخذان دورهما على الطريقة البريطانية لتجنب التصادم لصناعة عالم جديد ينعم بالأمن والاستقرار!..

 

*/ كاتب عراقي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك