حسن كريم الراصد ||
قد يبدو المشهد ضبابيا والمستقبل مبهما لا يمكن التنبوء بمجرياته ولا كيفيات تكونه.. فبعد الإطاحة بحكومة المنتفجي طمع الخصوم بالمكون الأكبر واعتقدوا أن العودة للمعادلة الظالمة ممكنا وهو سهل يسير أن تمكنوا من إقناع محاور القوى العالمية ومن يملك مفاتيح خزائن المال بامكانية ذلك..
فتشرين تعد أقسى ضربة وجهت للمكون الأكبر باعتبارها استخدمت الضد النوعي الذي لا يمكن مواجهته بالقوة كما تصدى هذا المكون لداعش وبطش به و سحقه مستمدا القوة من فتوى بالجهاد وجد فيها الكثير فرصة ذهبية للولوج في باب خاصة الأولياء بعد أن فتح مؤقتا..
فالضد النوعي كحرامي البيت لا يمكن فضحه ولا يمكن امساكه ولا يمكن البطش به فلكل من تلك الإجراءات مضار كبيرة وأثار وضعية قد تجر ويلات عظيمة. لذلك كانت جائحة تشرين قاسية هدت كل منجز سياسي تحقق على صعيد العودة لمنهج حكم الأغلبية والانتهاء من حكم الأقلية.. المشهد الشيعي اليوم بحالة من التشظي لم تكن حتى باماني واحلام الد الخصوم بعد أن تمكن هؤلاء الخصوم من شراء ذمم البعض من خلال وعود بدعم للوصول إلى كرسي الرئاسة بعد التزامات قدمها هذا البعض تتمحور حول نقطتين :
الأولى ضرب الحشد وتفكيكه والثانية أحكام المقاطعة مع إيران واعتبارها عدو ومنعها من التنفس من رئة العراق الذي افشل الحصار عليها ..
وفريق آخر تم شراء مواقفه من خلال الترهيب بأن عدم رضوخ الشيعة لإرادة أمريكا والانكليز سيجر عليهم الخراب والتقسيم والحصار فانصاعوا لهذا التهديد بحسن نية وبحجة الواقعية التي ينظر لها الآخرين بأنها جبن ونكوص بعدما رأوا أن الإرادة الدولية المتعالية وقفت عاجزة أمام صواريخ غزة وان القطب الواحد المتصرف لشعوب الأرض لا يمكنه لعب دور الإله الذي يفعل ما يشاء ويقضي بما يريد وان مواجهة هذا الاستكبار هو السبيل لارضاخه وقبوله بالأمر الواقع الذي يسيطر على الأرض والذي يملك القدرة على هزيمة إرادة المستكبرين من خلال الصمود والصبر والاستعانة بقدرات الجارة الشرقية التي أعطت أنموذجا لمن سينتصر بالآخر خاصة بعد هزيمة نتنياهو وفضيحة ترامب واندحار بن سلمان في اليمن هذه الوقائع أكدت عدم رضا شعوبهم بمنهجهم فضلا عن فشل هذا المنهج بالتعامل مع الشعوب المتمردة الحية وهذا المنهج يتبناه الفريق الشيعي الثالث والمسمى بالممانع.. وبالتالي فإن ما بين الفريق الأول والثالث هوة كبيرة ولكن يمكن تضييق الهوة ما بين الثاني والثالث وهم من يمكنهم أستعادة هيبة المكون الأكبر وإعادة الأمور إلى نصابها واعادة العملية السياسية إلى خط شروعها الأول المبني على قاعدة الحكم للاغلبية..
فالفريق الأول الذي مازال يسبح باوهام الإنكليز لا يمكن إعادته بعد أن صدق وعودهم وأمن بقدرتهم على بعثرة الأوراق وعدم الاكتراث لما تفرزه الصناديق فالأمر بأيديهم وليس بما تفرزه تلك الصناديق. وقد قال السفير البريطاني لأحد الشخصيات السياسية الفاعلة قبل أشهر وبعد احتكاك كلامي ولد سخونة في الحديث قال : أن تموز في هذا العام سيكون عليكم ساخنا جدا في تهديد مبطن وايحاء مغلف بأن لنا القدرة على حرق بلادكم أن لم تنصاعوا لرغبتنا وتأتمروا باوامرنا فإننا نملك أدوات ذلك اليوم ويوجد من يقوم بذلك ...
هذا ما عليه المشهد اليوم والذي تتجاذبه أطراف إقليمية تحاول فرض أجندتها الطائفية وأطراف دولية ترى في الحكم الشيعي خطرا عليهم وعلى وليدهم الذي يرتجف خوفا في ملاجئ تل أبيب
أما الحلول فهي متيسرة أن صدقت نية القوى الشيعية وتعاملوا بقليل من نكران الذات ووعوا أن النار التي ستضطرم ستحرقهم جميعا وان لعنة الأجيال ستطالهم بعدما افشلوا التجربة التي كانت حلم الآباء والأجداد منذ الف عام.. الحل يكمن في اجتماع جميع الاطراف التي مازالت تؤمن بمظلومية وحقوق المكون الأكبر ولو بتفاوت ونبذ خلافاتها وكبح جماح شهوتها للكرسي والنزول بكتلة واحدة فقط أو البناء على تكوين الكتلة الأكبر في يوم إعلان النتائج وبذلك فقط سيقتنع الشارع بالمشاركة الفعالة وانتخاب حتى من لا يضمن اخلاصه الا بالحد الأدنى... ان فعلوا ذلك فسيدر بالفائدة على جميعهم وحتى غثهم وسمينهم لأن ذلك يمثل إثبات انهم وعوا الدرس وشرعوا بإصلاح وضعهم وإعادة هيبتهم واسترجاع ثقة الشارع بهم..
كذلك يمثل هذا أن حدث انصياعا لمنهج سيد النجف ومتوافقا مع إرادة الجارة فهي لا هم لها إلا تجاوز مسمياتهم والنزول باسم العنوان الأكبر...
حينها سيرضى الشارع ولو على مضض بعناوينهم الحزبية لأن فيها استعادة لهيبته المفقودة وكرامتهم التي هدروها في تشرين بعدما تقاعسوا في الدفاع عن تجربة وكلهم الشعب بحمايتها..
الخلاصة أن قارب النجاة واحد فقط لكنه يمكن ان يسع الفرق المتخاصمة أن اتفقت ويمكن أن تصل إلى بر إعادة الثقة لدى الجمهور أن وجدهم عادوا جميعا بمركب واحد لا مراكب متعددة وهنا يمكن للجمهور بما عرف عنه من طيبة أن يعفوا حتى عن مسيئهم ويعتبر ذلك بداية لتصحيح الأخطاء والتكفير عن الخطايا..
https://telegram.me/buratha