عمار محمد طيب العراقي ||
لا أود البحث في الدوافع وألأسباب التي حدت بالسيد حيدر العبادي؛ الذي اتخذ من "النصر" الذي ليس هو صانعه، أسما لكيانه السياسي، أن ينتقل هذه ألأنتقالة الغريبة المبهمة، من صف الدعاة بثوابتهم العريقة المعروفة، وبجهاديتهم التي يشهد بها تاريخ مقارعة نظام القهر الصدامي، وإن كنا قادرين على مقاربة هذا الموضوع المهم والحيوي، وسبر أغوار المخاطر التي تعرض لها حزب الدعوة الإسلامية وعموم الحركة الإسلامية العراقية، نتيجة لتداعيات هذه ألإنتقالة، لا سيما وأن الرجل وفي محطة مرتبكة من محطات تاريخ العراق الحديث، تبوأ موقع رئاسة الوزراء في العراق، في حل لعقدة مستعصية بعد فيتو المرجعية على التجديد الثالث للسيد المالكي.
ما تقدم وحده كاف لأن نقولها بفم ملآن، أن السيد العبادي ليس مؤهلا قط، أن يتحدث عن الحشد الشعبي، أو يطرح ما أسماه مبادرة ‹‹الحشد الوطني›› ويدعو الحكومة والقوى السياسية لطاولة حوار لمناقشتها وتبنيها لحل الإشكالات القائمة، والإتفاق على قواعد التعامل مع هذا الملف، وللحيولة دون ذهاب الأوضاع إلى تطورات لا تخدم استقرار الدولة وأمنها ومصالح شعبها، كما ورد في نص مبادرته المعلنة..
ففاقد الشيء لا يعطيه، فما بالك إذا بسطنا سيرته السيئة مع الحشد الشعبي عندما كان رئيسا للوزراء، وقائدا عاما للقوات المسلحة، حيث كان الحشد الشعبي مرتبطا به بهذه الصفة، والتي من خلالها ألحق السيد العبادي أضرارا فادحة بالحشد الشعبي وبمسيرته، بل أن قراراته كانت سببا لأن تلحق بالحشد الشعبي خسائر وتضحيات أضافية، ما كان الحشد أن يقدمها لولا تلك القرارات المغرضة.
في عهده، لحقت بالحشد أضرارا مازال يعاني من آثارها، مؤسسة وأفرادا، جراء السياسات المتعمدة، التي مارسها العبادي شخصيا، والتي تمثلت بعدد كبير، من الممارسات والقرارات والتصريحات الأقصائية، وأهمها، التعامل الإنتقائي السلبي مع الحشد، فيما يتعلق بالدعم والموازنة والتجهيز والتسليح والرواتب والحقوق، وهي أمور لم يستطع السيد العبادي إنكارها أو نفيها، بل كانت بالنسبة له، شهادة حسن سير وسلوك لدى من حسم أمره وأرتبط بهم.
على الرغم من الأحاديث الإنشائية الإعلامية، التي كان يفوه بها السيد العبادي أثناء توليه المسؤولية، بشأن بطولات الحشد الشعبي وتضحياته، مغدقا مرة في 14/9/2018 ؛ بالمديح والثناء على الحشد الشعبي، ومما قاله؛ "ان التضحية والنصر على داعش، رفعت رأس العراق في المنطقة والعالم، ولو بقي العالم سنوات يشكر العراقيين، لهزيمتهم داعش؛ لما اوفى، لأن هذا عطاء إنساني كبير،" مقارنا ذلك بعطاء الإمام الحسين "ع"..إلا أنه سعى مستخدما كل السلطات والصلاحيات التي كانت تحت يده، الى تحطيم الحشد الشعبي.
قانون الحشد الشعبي؛ الذي أقر رسميا من قبل البرلمان السابق، في نهاية عام 2016، بقي وبسبب مؤامرات السيد العبادي وشلته، لغاية اليوم حبرا على ورق، ولم تنفذ منه فقرة واحدة قط، بل على العكس؛ جرى التضييق على الحشد وبشكل متعمد، خلافا لما ورد بالقانون.
مع ان العبادي غادر غير مأسوف عليه موقع المسؤولية ألأولى، إلا أنه بقي مخلصا وفيا لعداءه المستحكم للحشد الشعبي، وآخرها ما اطلق عليه "مبادرة"، ولم يتفاعل إيجابيا مع رؤى وأفكار تأسيس الحشد، التي تتسع لكل ما هو وطني وديني وأخلاقي وقانوني، في كيفية بناء هيكلية للحشد، تتناسب مع واقعه وجهاديته وشعبيته وأهدافه.
الحشد وخلال أكثر من سبع سنوات؛ من معركته الفاصلة مع الدواعش، كان يقاتل بضراوة من جهة، ويبني نفسه بنفسه من جهة أخرى، وهو اليوم مؤسسة متكاملة هيكليا، وفقا لمتطلبات المعركة، وقريبا من طبيعة تكوينه كمؤسسة جهادية عقائدية، وليس بعيدا عن سياقات المؤسسات العسكرية الرسمية الأخرى، التي يقترب عمرها من القرن.
الحشد ووضعه ليس بحاجة الى مبادرة ملغومة، وهو ليس بحاجة الى تدخلات السياسيين المغرضين، بنواياهم وإرتباطاتهم المشبوهة؛ وفي طليعتهم السيد العبادي، بتاريخه وسيرته السيئة مع الحشد، والحشد ليس بحاجة إلا الى أن يتم إستلهام روح قانون الحشد الشعبي، والشروع بإنطلاقة جديدة، للعلاقة بين القائد العام للقوات المسلحة، وبين الحشد الشعبي، وأن تقوم الحكومة بخطوات إيجابية عملية ملموسة، تدعم مؤسسة الحشد الشعبي بقوة، وتزيل غبش السنوات المنصرمة.
هنا يتعين على السيد مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، الوقوف وقفة تاريخية شجاعة، بإتخاذه سلسلة من الإجراءات السريعة، ولو أن الوقت ليس فيه متسع، لكونه في الأيام ألأخيرة من ولايته الحالية، إلا أن هذا يجب أن لا يمنعه عن القيام بمسؤوليته الوطنية، بتقوية الحشد ودعمه، لأن الحشد مؤسسة جهادية عقائدية، تأسست بفتوى من المرجعية الدينية، وبدعم شعبي هائل، ولا حاجة قطعا الى دعوات حوار مشبوهة، ستتسبب بالتأكيد بمزيد من الفجوات والمشكلات..
الحشد مؤسسة عسكرية وليست مؤسسسة سياسية، ولا يجب ان تخضع لأمزجة السياسيين ومؤامراتهم وتدخلاتهم.
ولو انصف العبادي الحشد أثناء فترة حكمه، لما حدثت كثير من المشكلات العرضية التي يعاني منها الحشد الآن، ومعظم هذه المشكلات كانت صناعة عبادية بإمتياز، فما حدى مما بدا، وما الذي حدث كي يظهر السيد العبادي بمظهر الحريص على الحشد، وهو الذي أذاق الحشد جحودا ومرارة ما يزال طعمها في افواههم.
سؤال أخير..لماذا يريد العبادي بتغيير أسم وصفة الحشد من "الشعبي" الى "الوطني"؟!
الجواب أسألوا أمريكا..!
شكرا
5/6/2021
https://telegram.me/buratha