المقالات

"عد عيناك يا عراق" لا "عد عيناك سيدي"..!


 

عمار محمد طيب العراقي ||

 

ما جرى في الأيام القليلة الماضية، لم يكن إلا الجزء الظاهر من جبل  المواجهة مع أعداء العراق، وهو وضع جديد قديم كان مشخصا بدقة، من قبل أصحاب القضية وحملة لوائها، يتمثل هذا الوضع؛ بأن الإفعى تبقى افعى وإن غيرت جلدها، وأن الأفاعي منظومة متكاملة و"مجتمع" قائم بذاته، وأن له تقاليده وأطروحاته ومخرجاته، وتوجهاته.

الأفاعي لجلدها ملمس ناعم جدا، وله بريق، لكنه مكون من حراشف صغيرة متراصة، بعض الموجودين في الدولة ومناصبها الرفيعة، غيروا جلودهم مرات عدة، ولكنهم بقوا هم هم، أولئك الذين جبلوا على "عد عيناك سيدي"..تلك الجملة التزلفية المستخذية التي إعتادوا تكرارها ولم يفارقوها.

هؤلاء الأفاعي؛ كشفوا اليوم عن توجهاتهم الحقيقية، حينما غشى ضباب الصبح؛ بعض جوانب القضية العراقية، خصوصا وهي تمر بمنعطف خطير، كالمنعطف الذي نمر به هذه الأوان، حينما كشر الحلف الصهيوأمريكي عن أنيابه، وبات يستهدف الحشد الشعبي بشكل سافر...

هؤلاء الذين لا تعنيهم القضية ومستقبل البلاد، بقدر ما يعنيهم المحافظة على ما بأيديهم من مكاسب، يمكن أن نسميهم بـ "الحواصيد"، فقد تبين أنهم كانوا مع الحشد والقوات المسلحة، شكلا وليس مضمونا، لأن النصر كان قاب قوسين أو أدنى، بل كانوا قد أحتفلوا مع المنتصرين بالإنتصار،الى حد خيل لكثيرين أنهم كانوا صناع النصر، على طريقة رقص إبن خالة الخياطة؛ التي خاطت ثوب العروس في حفل زفافها!

الوضع الأخير في ساحة المواجهة مع أعداء العراق، سواء كانوا الدواعش او صناعهم، من الأمريكان والصهاينة والحلف العربي الخانع الذليل معهم، وخصوصا عمليات إستهداف أصل وجود الحشد ، أو إستهداف مجاهديه وقياداته، عبر إستخدام الطيران الصهيو أمريكي المسير ووسائل الإستهداف الغادرة الأخرى، او الإستهداف الإعلامي الممنهج، أو تلفيق التهم ومحاولة كسر أنوفهم،  كان بمثابة سائل جلي الصحون؛ الذي "جلى" حقيقة هؤلاء، وكشف زيف معدن إدعاءاتهم اللامع البراق.

هؤلاء الأفاعي ومنهم من يتبوأ مناصب رفيعة، والذين كشروا عن أنيابهم التي تقطر سما، هم جزء من مخطط تركيع العراق، وتحويله الى حديقة خلفية للكيان الصهيوني، ويعملون بلا هوادة على توفير غطاء علني، وتبرير سياسي وإعلامي، للهجمات التي تستهدف أصل وجود الحشد الشعبي، والتي ستنتقل في مرحلة لاحقة قريبة، الى إستهداف الجيش العراقي والشرطة الأتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب، بل والمدن والبنى التحتية حينما يشتد وطيس المواجهة..لأن وجود عراق قوي بقوات مسلحة قوية، أمر لا يتناسب مع العقيدة العسكرية الأمريكية الصهيونية، التى تتطلع دائما الى إبقاء العرب والمسلمين، وفي طليعتهم العراقيين، ضعفاء غير قادرين على مواجهة المخططات التوسعية الصهيوأمريكية، والفرات العراقي يمثل حد دولتهم المأمولة، وفقا لعقيدتهم الشريرة.

في هذا المقطع الدقيق من أيام العراق، يتعين أن تفهم الأفاعي، أن عصا موسى في العراق بحشده وجيشه وباقي قواته الأمنية، ستتلقف افكهم، وان العراقيين جسد واحد ويد ضاربة واحدة، وأن محاولة كسر أصبع من أصابع هذه اليد، ستليها عمليات كسر باقي الأصابع الممسكة على الزناد، وأن إستهداف الحشد يعني إستهداف يد الشعب وقوته الضاربة، وهيهات لهم ذلك..

هؤلاء المرجفين، ولإحساسهم من أن المواجهة مع الصهاينة والأمريكان، ستفرض وضعا جديدا، ربما يفقدون فيه بعض أو كل المكاسب التي تحت أيديهم، غيروا بوصلتهم وتوجهوا بها صوب التشكيك بالحشد وببنيته العقالئدية ومتبنياته الوطنية.

لهؤلاء الثعابين، وهم على كل حال وضعوا أنفسهم في صف العداء لتطلعات وآمال العراقيين ومتبنياتهم، مشخصين بدقة وعليهم أن يعرفوا أن الحشد الشعبي، هو المؤسسة الوحيدة التي أقتضاها ضرورات بناء العراق الجديد، وأضيفت قانونيا ودستوريا الى مؤسسات الدولة وقواتها المسلحة، وكان لها عظيم الأثر وكثير البركة، وحميمية العلاقة مع الشعب وقواته المسلحة، كما انها الوحيدة التي شارك فيها جميع العراقيين، بالنفس والأولاد والمال والكلمة، لذلك استحقت عن جدارة هذا الاسم "الشعبي" المبارك.

الإساءة للحشد "الشعبي" إساءة للـ"الشعب"، وهي أيضا إساءة لدماء الشهداء التي لم تجف بعد، وهي إساءة بكل أبعاد الإساءة لمن أفتى بالجهاد؛ المرجع العظيم صمام أمان وحدة العراق، وموضع إفتخاره وسؤدده.

أكثر من ذلك؛ أن منهم من وضعته التوازنات السياسية في منصب؛ أتاح له الإدعاء بأنهم قادة النصر! الحقيقة أن دماء الشهداء لها ألسن ناطقة، وهيهات أن يسرق أمثال هؤلاء النصر، وإن إستطاعوا ذلك، فستكون الإستطاعة الى حين.

أحدهم عبر عن سميته الإفعوانية بقوله "الحشد لم يحرر العراق، ومن يقول غير ذلك مخطيء، لأنه اسهم في تسريع عمليات التحرير فقط"..وهو قول يكشف عن محاولة بائسة عقيمة لشطب الإنتصار ورجاله..لكنه ومن حيث لا يدري أعترف بالحقيقة في جزء من القول..نعم أن الحشد اسهم في تسريع عمليات التحرير، وأختصر الزمان والمواقيت والمواعيد، من ثلاثين سنة كما ارادها الأمريكان،الى ثلاث سنوات كما ارادها الشايب ورجاله..

و.."عد عيناك يا عراق" لا "عد عيناك سيدي"..!

شكرا

30/5/2021

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك