عمار محمد طيب العراقي ||
"الطالعون من جوف حصان طروادة "، هم العملاء والوكلاء والمندسين، الذين تسللوا الى مختلف المواقع والمراتب والمراكز الحساسة في الدول العراقية، وعاثوا نيابة عن اسيادهم الصهاينة والامريكان خراباً في المؤسسات العامة، وفساداً في صنع القرار، وبؤساً في مصير الشعب والوطن
أعداء العملية السياسية اصبحوا اليوم في داخلها، وليس من العسير كشفهم والامساك بهم وضبطهم بالجرم المشهود، وأعمالهم التخريبية، وممارساتهم المناهضة للمصالح الوطنية والشعبية، كاشفة لسياساتهم المعاكسة لآمال العراقيين، خصوصا بعدما رسخوا في ذهن المواطن العراقي، ان إختيار وتعيين المركز العليا في الدولة، أمر برهن موافقة امريكا ورضا اسرائيل.
هذه المقدمة التذكيرية مهمة وضرورية، للحديث عن ظواهر احتضار الدولة العراقية، وهي ظواهر لم تعد خافية على احد، بعد ان تعددت وتأكدت، وباتت تنذر بموت محقق للدولة، إذا أستمر الوضع على ما هو عليه، سواء عن طريق التشظي والانقسام والاحتراب، وفق اعتبارات طائفية ومذهبية وعرقية، او عن طريق التكلس والتعفن والهمود الأيدولوجي، أو بواسطة التأزم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي فقدان الحمية والغيرة الوطنية، وغياب الحيوية والدافعية للتنمية والتقدم، وإنهيار دافعية المشاركة الشعبية، وبالتالي عدم اللحاق بركب العصر.
الحقيقة الصادمة هي أن الدولة العراقية؛ تقبع حالياً بين اشداق الخطر، وهي تسخّر طاقاتها لاستنزاف ذاتها، وتسير نحو التقهقر والتخلف بقدميها، وتفتقر الى مقومات التقدم والنهوض، لأنها تنوء تحت مطرقة ضغوط المشروع الصهيوأمريكي ومن معه من العرب، وسندان الازمات الداخلية، وتعاني من النقص في هيبتها وسيادتها وارادتها واستقلالها، بقدر ما تعاني من التفاقم في آفات الفقر والبطالة والفساد والتسيب الاداري، ناهيك عما تكابده من "ام المشاكل " المتمثلة في المباعدة بين القمة الرسمية والقاعدة الشعبية، لذلك هي لم تعد قادرة على تحقيق ادنى مستويات العيش الكريم للمواطن، والمحافظة على كرامة الوطن.
العديد من القوى السياسية؛ لا تريد ان تسمع او تقنع او ترى هذه الحقائق السافرة، وتحللت طوعاً او كرهاً، من مسؤوليتها الأخلاقية أمام شعبها وادارت ظهرها للأمل الوطني، وهو تعبير غير متداول في أدبيات السياسة، لكنه موجود في ظمائر العراقيين، خبزا وكرامة وسيادة وتقدم ورفاهية، تعليم وصحة وأمن وأمان، عدالة وتعايش سلمي وهوية، ولكن واقع الحال لم يحقق هذه الاماني والآمال، بل ادى الى عكسها على طول الخط، واثبت خطل الرهان على غير الجماهير الشعبية والهوية الوطنية الإسلامية التكاملية.
لقد حسبت تلك القوى المكتظة بالعملاء والمندسين؛ ان التحاقها بعواصم ومراكز القرار الاجنبية، سوف يشكل لها خشبة الخلاص، ويغنيها عن جماهيرها وعن تضامنها فيما بينها.
بعض القوى السياسية توهمت، عمداً او عفواً، ان مصادقة امريكا ومهادنة - او التطبيع مع اسرائيل، ولو على حساب ثوابت الشعب والوطن ومصالحه، يمكن ان يجنبها المخاطر، ويجلب لها السلامة، ويسهم في تعزيز وجودها، ويوفر عليها كثير من الجهد والوقت والمال، للوصول الى السلطة ومراكز القرار..
الحقيقة أن حساب البيدر يختلف عن حساب الحقل، حيث ثبت ان مخاطر التبعية لامريكا، اكبر من مخاطر مناهضتها، وان تكلفة الصراع مع اسرائيل، اقل من تكلفة التطبيع معها، والشواهد في مصر والأردن، وفي كل بلد طبع مع الصهاينة، كثيرة وماثلة للعيان.
واضح تمام الوضوح، أن أعداء العراق هم أعداء القيم والأخلاق والثوابت، بل وأعداء العقيدة والدين، سواء كانوا من الخارج أو الداخل.
العملاء في الداخل قد اجتمعوا على هذا المبدأ، واجمعوا على تخريب التحولات الديمقراطية واحباطها، تحت ظلال الديمقراطية ذاتها، وذلك بالعمل على عقول العراقيين وتلويث قناعاتهم، وتسعير خلافاتهم واخراجهم من فطرتهم العراقية وهويتهم القيمية، وكانت اقذر وسائلهم هي تحفيز غرائز الشباب وشهواتهم ونزواتهم، وتشجيعهم على التدابر بدل التناصر، والافتراق بدل الاتفاق، والتخاصم بدل التفاهم، توطئة لنسف الوحدة الوطنية والجبهة الداخلية، التي باتت تُسَيٌرْ حالياً ضمن سلم حلزوني، تضيق حلقاته مع كل يوم جديد..
شكرا
23/5/2021
https://telegram.me/buratha