محمد كاظم خضير ||
تريثت كثيرا في تناول قضية اغتيال الناشط ايهاب الوزني من الناحية السياسيه التي أقر القاصي والداني ببشاعتها وأعلنت السلطات العراقية أنها بصدد استكمال خطوات التحقيق لاتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة بما يتناسب وبشاعة ووحشية الجريمة والأهم من هذا استكشاف ما شابها من ملابسات وما اكتنفها من تفاصيل والحيلولة دون تكرار أي حادثة مشابهة في المستقبل من أي كان. إدانة هذه الجريمة لا يضيف شيئا بعد أن أدانها كل من تناولها، والإقرار بوحشيتها تحصيل حاصل بعد ما لاقته من أوصاف على مختلف الألسنة والأقلام وعبر مختلف المنابر السياسية والإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بما في ذلك العراق منها.
ما يمكن رصده هنا هو تلك الضجة الإعلامية والهالة السياسية التي نالتها هذه القضية إلى درجة أن بعض المنابر الإعلامية كالعربيه وكرست كل وقتها للحديث عن هذه القضية، وكأنها الحدث الوحيد في العالم الذي يستحق التوقف، ونست قتل الفلسطينيين على أيدي القوات الإسرائيلية، وغيرها.
موقف القنوات الصفراء مفهوم ومبرر فهي كمن عثر على كنز هائل لم يكن يخطط للحصول عليه، يكرس كل طاقاته لاستثمار هذا الكنز لزيادة أرصدته واستثماراتها السياسية والإعلامية. لكن الأمر لا يقتصر على الرافدين ورفيقاتها من المنابر الإعلامية التي تبحث عن أي حجة حقيقية أو مفتعلة لإدانة المليشيات (الحشد الشعبي)) وهي صحف من تلك التي سوقت لكذبة ثوار العشائر وتدمير المناطق الغربيه وعند ما أقر القادة الأمريكيون العرب العرب بزيف المعلومة التي استندوا عليها في جريمتهم، وبعد كل الجرائم التي تفرعت عن جرائم داعش وتدمير كل بناه التحتية والفوقية، لم يرف للقائمين على هذه المواقع الإعلامية جفن ولم يقولوا حتى “آسفين ” لأرواح مئات الآلاف من التغطية .
لم يتوقف الأمر عند هذا المستوى بل لقد انخرط في هذه الحملة التصعيدية رؤساء كتل وبرلمانيون وقادة سياسيون عراقيين معلنين انسحابهم من الانتخابات ليس حب بالوزني لكن استغلوه لكي لا ينفصحوا بزيف القاعدة الانتخابية لهم وايضا الذين دشنوا حملة الإعلامية للذلك.
لا أحد يمكن أن يطالب أياً من هؤلاء أن يغضوا النظر عن هذه الجريمة كما قد يعلق البعض بحجة سكوتهم عن جرائم أكبر منها في شمال العراق والمناطق الغربيه وغيرها، بل إن التعجب والاستغراب ينبع مما تتعرض له الحكومه والحشد من عملية ابتزاز سياسية وأخلاقية، ليس حبّاً في الضحية ايهاب الوزني ، الله يرحمه، ولكن رغبة في جني مصالح مالية وسياسية يستفيد منها القائمون على هذا الابتزاز المفضوح.
حتى اللحظة نجح الحشد الشعبي والحكومه في التعامل مع هذه القضية وانعكاساتها وأعراضها الجانبية بقدرة عالية على امتصاص التبعات وقطع الطريق على المزايدين والمبتزين، لكن الكثير من المواقع الإعلامية والشخصيات والزعامات السياسية تراهن على فرضية أن لدى القيادة العراقية من الأسرار ما لا ترغب في إعلانه للرأي العام وهذا ما يسعى المبتزون لتوظيفه لإجبار الحكومه على تلبية مطالبهم التي لن تنتهي، لأن إرضاء طرف معين سيفتح شهية عشرات الأطراف لتستمر عملية الابتزاز إلى ما لانهاية.
في تقديري الشخصي أن السلطات في كربلاء تستطيع الخروج من حفلة الابتزاز الهائلة التي تتعرض لها وقطع الطريق على كل المبتزين من خلال إجلاء الحقيقة كاملة ومحاسبة كل من وقف وراء هذه الجريمة، ومن ثم ستضرب المحافظة والحكومه عدة عصافير بحجر واحدة، أولها تأكيد نظام العدالة وإحقاق الحق وردع المذنبين أيا كانت مكانتهم، وثانيها الرد على مزايدات المزايدين ولجم تخرصاتهم، وثالثها التخلص من تبعات الابتزاز المادي والمعنوي والسياسي الذي تتعرض له من قبل الخصوم وبعض الأصدقاء.
وأخيرا لا شك أن ما تعرض له الناشط ايهاب الوزني يعتبر جريمة تقشعر لها الأبدان، لكن ما تتعرض له الحكومه من محاولات استثمار وابتزاز لا تعبر إلا عن انتهازية القائمين على هذه الحملة وسعيهم غير النزيه لتوظيف قضية إنسانية شديدة الحساسية لتحقيق مكاسب مادية وسياسية خالية من أي معنى من معاني النزاهة والانتصار للقيم الإنسانية.
https://telegram.me/buratha