أمل هاني الياسري ||
هو رجل يهدي السعادة لأبنائه بلا مقابل، كيف لا وقد وهب الأحرار طعم الكرامة، وهمس في أذهان الشعوب المقهورة لا تنحنوا إلا لله الواحد الأحد، إعتنق الفقر والزهد، علم الإنسان أنه يموت لكن أفكاره لا تموت؛ لذا لم يبخل على الأخرين بالنصح والعون، طبعه صامت هادئ، لكن داخل عينيه لغة لا يقرؤها إلا الأحرار والشرفاء، قال عن المرأة (بأنها الموجود الوحيد، الذي يمكنه إتحاف المجتمع بأفراد، يندفع المجتمع ببركة وجودهم، نحو الإستقامة والقيم الإنسانية العليا).
الفقد يعلمنا الكثير من العِبر، والفراق صعب جداً في غرف العناية المركزة ، ورغم أن رحيل الإمام السيد روح الله الخميني (رضوانه تعالى عليه)، كان صدمتي الكبرى التي تلقيتها في شبابي، إلا أنني أدركتُ أن رحمة الله أعظم، وأن عمل هذا الإمام لم يقتصر على الثورة الإسلامية في إيران، أو تأثيره على الأحرار في باقي بلدان العالم، فحسب بل تعداه الى امتداد لا نهاية له، ونتائجه ما زالت تتوقد شموعاً للحرية، والخلاص من الطغاة والظالمين.
حول عمامته الشريفة تكاثرت هموم الأمة الإسلامية، لكنه لم ينتظر ليصبح رجل المرحلة، بل أنه ولد رجلاً حراً ثائراً، عمل من دون مزايدات إعلامية رخيصة، قاوم قوى الاستكبار العالمي؛ ليحقق الصلة التامة بكربلاء وبالأخرة؛ ويترقب بشائر اللقاء مع معشوقه، فالعمامة الثائرة أنجبت رجالا يؤمنون بالمقاومة وبالوحدة الإسلامية، وقداسة قضية فلسطين، ومحاربة التطرف والتفرقة، حتى وإن أسموهم بمحور الشر، فالنتيجة الحتمية هي: أنهم إذا صدحوا بكلمة يا علي أو هيهات منا الذلة؛ فقد حسمت المعركة!!
قصة عمامته كالوطن، درّست علم الأخلاق والعرفان والأصول، شقت طريق خطاها بين الواقع والمستحيل، فتوسد تقاطيع الزمن الماضي، حيث مدينة خمين حتى رمال كربلاء وفرسان الطف، وكأن عمامة الإمام تطوف حولنا كصولجان يطيح بالجبت والطاغوت، رغم أن مساحات الانتصار الحقيقية، ما زالت في بداياتها، لكن أفكاره وإنجازاته (رضوانه تعالى عليه)، أزالت بواعث التصدع التي عصفت بالأمة الإسلامية، ووحدت الصفوف، وحفرت مفاهيم الحرية والكرامة، في ذاكرة الاحتجاج الطويل الأمد؛ لتكون صرخة مدوية ضد عروش الظلم والطغيان.
ما يراه مؤيدو الإمام الخميني(رضوانه تعالى عليه) عن متبنياته العظيمة، أنها أنتجت نصراً، آجلاً، شاملاً، خالداً؛ لأنه قاعدة أزلية لمواجهة الإستكبار العالمي حيثما وجد، دفاعاً عن هوية الإسلام الحنيف، حيث كرر):إن الصمت اليوم مواكبة للنظام المتجبر)، ومع سلسلة من المباحث الضخمة حول الحكومة الإسلامية وضرورة تطبيق الإسلام على حقيقته، تفجرت موجة من الحماس في صفوف المجاهدين، وإنه لحق أن يقول العلامة الأميني):الخميني ذخيرة الله للشيعة)، وأنه (رجل عظيم جاء من زمن آخر) كما كتب هيكل.
قال عنه خليفته الإمام السيد علي الخامنئي( دامت بركاته):(الإمام هو روح الله بعصا موسى، ويده البيضاء، وبالقرآن المحمدي، شد عزمه لنصرة المظلومين؛ فهزَّ عروش فراعنة العصر، وأنار قلوب المستضعفين بنور الأمل)، وحينما رحل(3/6/1989) فإن العالم(فقد قائداً دينياً وثورياً ذو نظرة واسعة، وخلف مخزوناً كبيراً سيظل على ألسنة الاحرار والشرفاء دائماً)، وثمرة ثورته العظيمة، ما تعيشه الأمة الإسلامية من صحوة حقيقية لمواجهة الطواغيت، وأخيراً أقول كقول الشهيد دستغيب:(مَنْ لم يعشق الخميني لا يمكنه أن يعشق المهدي).
https://telegram.me/buratha