حافظ آل بشارة ||
تتواصل المعركة في فلسطين عبر منازلة جديدة بين المقاومة والاحتلال ، منازلة هي الاولى من نوعها ، هطول مطر الصواريخ على مدن ومواقع الاحتلال مستمر وقد اجبر خمسة ملايين مستوطن على الاختباء في الملاجئ بين الحين والآخر ، يقابله انتقام صهيوني وحشي اعمى من المدنيين في قطاع غزة بالقصف الجوي ، هذه هي المذبحة الاكبر التي يتعرض لها الاحتلال ، لكنها ايضا حالة الانتقام الاكبر التي يتعرض لها المدنيون العزل من الشعب الفلسطيني ، وقد اصطفت اميركا مجددا مع الصهاينة فهي تعرقل اي قرار من مجلس الأمن لحماية الفلسطينيين ووقف العدوان عليهم ، لكن دماء المحتلين مقدمة لهزيمتهم النهائية ، اما دماء المقاومين فهي مقدمة للانتصار الكبير ، فعطاء الدم في ثقافة الجهاد والاستشهاد يصنع النصر ، اما الدماء في ثقافة الاحتلال فتصنع الهزيمة ، تأتي هذه المعركة في ظرف تأريخي خاص ، اصبح فيه تصنيف الخنادق اوضح بكثير مما كان في السنوات السابقة ، الخنادق الداخلية والخارجية :
1- جيل فلسطيني جديد اصبح حضوره في ساحة المعركة ظاهرة متميزة ، فقد راهن الصهاينة على نسيان الشعب الفلسطيني لقضيته ، ولذلك سعى الاحتلال الى تدمير ثقافة الجيل الفلسطيني الجديد ودمجه بمجتمع الاحتلال ، الا ان هذا الجيل افشل مخططاتهم واثبت حضوره في هذه المعركة ، ولم يزده مرور الزمن الصعب الا صلابة واصرارا على نهج المقاومة.
2- اتضح ان ما انتجته مؤتمرات التفاوض مع العدو والخضوع والذل وتنفيذ الاملاءات ليست اكثر من حكومة فلسطينية شكلية هي احد اذرع الاحتلال ، وهي ضد نوعي هدفه اضعاف المقاومة وارباكها ، وليس في الضفة الغربية ما يغري الفلسطينيين بتفضيل هذا النموذج المزيف وترك المقاومة لاجله.
3- اتضح في هذه المعركة ان اميركا وبريطانيا مازالا مصرين على تبني الكيان الصهيوني واحتضانه ، ومازالت دول اوربا تدعم وجوده ماديا ومعنويا ، وقد اضيف الى هذين الصنفين من الحاضنين والداعمين ، معسكر التطبيع الذليل من الحكام العرب .
4- اتضح ان معسكر التطبيع يحاول ان يوجه رسالة اعلامية مستمرة لبناء رأي عام يعمل على تخطئة المقاومة ومدح التطبيع ، لكن في زمن الاعلام الالكتروني يمكن معرفة اللعبة بسهولة ، فالاعلام الممول من اسرائيل واذرعها الخليجية يمكن ان يحتل مساحة واسعة من التغطية ، لكنه لا يمتلك قدرة الاقناع ، بينما يعاني القطاع الاوسع من الشعوب الرافضة لوجود الاحتلال والتطبيع معه-يعانون من غياب اي وسيلة اعلام ناطقة باسمهم الا في اطار اعلام محور المقاومة .
5- هذه المعركة اسقطت الطائفية السياسية التي قسمت المسلمين الى رافضة ونواصب ، وتبنت اسرائيل باعتراف قادتها لعبة اشعال الفتنة بين الطائفتين ، وعلى اساس مبدأ التكفير وفتاوى الابادة الوهابية ضد الشيعة كانت اسرائيل تطمح الى تفجير حرب طائفية ، وقد فشل المشروع ايضا ، واصبح الفلسطينيون السنة جزء من محور المقاومة الذي يوصف بأنه محور شيعي ، واصبح الاحتضان الايراني شاملا لكل اشكال المقاومة وسقطت مخططات الصهاينة وادواتها.
هذه المعطيات تدل على ان جميع الاساليب التي اتبعها الصهاينة وحواضنهم الدولية لترسيخ الاحتلال فشلت ، وجميع وسائل المقاومة نجحت واعطت نتائجها المرجوة ، لذا تبدو هذه المعركة كخلاصة لذلك التأريخ الطويل من الصراع ، ومهما كانت اشكال التفوق الظاهري لدى العدو في السنوات الماضية فقد تبخر ذلك التفوق وتحول الى مشروع هزيمة نهائية.
لا بد ان يعود منطق الحق ليفرض ثوابته بانتصار المظلومين وهزيمة المحتلين.
https://telegram.me/buratha