محمد كاظم خضير ||
v المشهد الأول
لم تكن صور الاشلاء وبقايا الاجساد المدفونة أولى المشاهد التي حضرت في ذاكرة العراقيين في يوم مقابر الجماعيه .
تلك الذاكرة مليئة بكل تفاصيل الألم الذي قرر البعث المقبور ومن معها من قوى الإرهاب “بتحديثه” كلما أقدمت الذاكرة على ارتكاب جريمة النسيان.
لم تكن تلك المشاهد قادرة على قتل ما تبقى من إنسانية في ضمائر البعض لكنها تركت حقدا كبيرا ووجعا.
مشاهد في تلك الجريمة مقابر الجماعيه حضرت و أثخنت الذاكرة بحضورها:
رجلا كهلافي العمر يخرج من بين الجثث المدفونه ابنه .. يئن بكل قهر ووجع وجوارحه يبكي من فقدانه عزيزا.. كانت (الآه) تعلو كل ضجيج المكان المقبره المتواجد فيه… لم تستجب له سوى كاميرا إحدى القنوات لتسمع وجعه إلى الملايين لكنها من الصعب أن تنقل وجع الرجال.
(الرجال لا تبكي) هكذا يقولون أو هكذا تقول العادة.. لكنه لم يكن يدرك أنه يبكي، فقط خرج ابنه الى المسطر قبل اعتقاله من قبل الأمن البعث وفقدانه بعد دقائق من خروجه هو ما أدركه ربما في تلك اللحظة.
v مشهد آخر
من منا لا يحب الصور، من منا لا ينتظر أن يأتي إليه المصور لالتقاط صورة كي يضعها للذكرى.. أحدهم لم يعتقد أن صورته ستصبح منتشرة بذاك الشكل بعد الجريمة رفع عظام ابنه.. و ينظر له بعينين مقترحتين الما .. وجسد أصبح رميم ، صرخته لم تصل سقف المنطقة التي عثر عليه عظام ابنه حتى تلاشت لكن عدسة المصور بحثت عنه بين العظام لتصوره وتمنحه حقه بال (آه).
هل تراه راضيا عن الصورة عظام ابنه التي وجدها؟ ولما راسه مرفوع شامخ، عندما وجد عظام ابنه مغطى بالعزة والكرامة، عاري عن لباس الذل والهوان، تراب على جسده سيدفن به كل متكبر وحاقد.
v مشهد ثالث:
يد مدفونه .. لم يتبق منها سوى خاتم في إحدى الأصابع هل ستتعرف الأم على أبنها من تلك الأصبع ؟ هل ستستطيع الزوجة ادراك زوجها من ذاك الخاتم؟
هل سيدفن الخاتم أم الأصبع وهما ما تبقى من ذاك الجسد ماذا سيقُبل الأطفال وهم من اعتادوا على تقبيل يد والدهم كل يوم، هل سيحتفظون بالأصبع لتقبيلها أم سيكتفون بتقبيل الخاتم؟
هل كان ذاك الخاتم لمسؤول أم موظف، شاقي أم رجل أعمال، ، كردي أم سني أم شيعي .
لم يكن أي منهم بل كان جميعهم كانت أصبع عراقي كانت يد بشر كان جسد إنسان بعيدا عن كل تلك التصنيفات التي حاول الحاقد إدراجها في نسقنا المجتمعي ليبرر حقده الخبيث والشيطاني.
v أخيرا
كل ما قام البعث من مقابر الجماعيه هو مسلسل تنتجه الفكر الوهابي وتكتب مشاهده بدقة عالية وربما كان المشهد ما قبل الأخير هو “ مذبحة سبايكر ” في القصور الرئيسية لكن العراقيين هم من سيكتبون المشهد الأخير بشكل أكثر دقة.
السلام على أرواح شهدانا الأبرار.
https://telegram.me/buratha