حافظ آل بشارة ||
عيد دموي يعيشه الفلسطينيون في كل بقاع وطنهم المحتل ، انهم يزفون الشهداء مجددا في مواجهة اخرى مع الصهاينة ، فقد ارتفع عدد الشهداء في قطاع غزة إلى 109 بينهم 28 طفلاً و 15 سيدة و621 إصابة بجروح مختلفة .
بدأت المواجهة الأخيرة عندما حاول مستوطنون صهاينة اجلاء الاهالي الفلسطينيين من حي الشيخ جراح في القدس والاستيلاء على مساكنهم بحجة انها كانت مملوكة لليهود قبل اعلان كيان الاحتلال 1948 وقد فسر الفلسطينيون هذا التطور الخطير بأنه ابشع حالة استضعاف يتعرضون له في ظل الاحتلال، وانه خطوة استفزازية في عملية تهويد القدس ، حيث عاد الصهاينة الى اسلوب الاجلاء والطرد الذي اتبعوه في القرن الماضي لأجل ضم المزيد من الاراضي الفلسطينية الى الاحتلال ، هذا السلوك الصهيوني ينكأ في الاعماق جرح الاحتلال الذي لم يندمل ، وذكريات التهجير والقمع والمجازر الجماعية في دير ياسين وكفر قاسم والحرم الابراهيمي وغيرها ، لذلك كان الرد الفلسطيني غاضبا وعنيفا واصبحت مشكلة حي الشيخ جراح منطلقا لحرب جديدة ، يعتقد الفلسطينيون ان اسرائيل اذا نجحت في اجلاءهم من هذا الحي فسوف تمضي قدما في اجلاء المزيد منهم في مناطق اخرى في اطار العودة الى التهويد الشامل، اي ان موجة الاستيطان مستمرة ولا اعتبار عندهم لأي قرارات اممية او اقليمية او ثنائية في هذا السياق ، ان منطق القوة هو العنصر الوحيد الفاعل في العلاقة بين اسرائيل والفلسطينيين وخلل التوازن يدفع ثمنه الفلسطينيون دائما ، وقد اكتسبت اسرائيل دفعة معنوية كبيرة بسبب التطبيع الذي استمر في هذه السنة مع عدد كبير من حكام المنطقة سرا او علنا ، اصبحت اسرائيل محاطة بدول طوق يمكن ان تنفق اموالها النفطية لأجل راحة الصهاينة وتوسعهم ورفاههم وتسليحهم ، ويمكن للحكام العرب ان يقاتلوا الفلسطينيين وايران نيابة عن اسرائيل وطاعة لها ، ويمكن ان يتحول حكام التطبيع الى كلاب صيد تطلقهم تل ابيب على من تشاء من خصومها ، وامام هذه الحقائق شعر الفلسطينيون ان توازن القوى بينهم وبين اسرائيل قد اختل كثيرا ، حيث اصبح لاسرائيل تحالف اقليمي داعم ، وهنا لا بد للفلسطينيين ان يلجأوا الى داعم اقليمي قوي لاعادة التوازن مع عدوهم ، وقد وجدوا في ايران ذلك الداعم الذي سينقل فلسطين من موقف فقدان التوازن الى موقف التوازن والتكافؤ مع اسرائيل ، ثم نقلة اخرى الى حيث التفوق في ساحة الصراع وفرض الخيارات على العدو ، لكن الغريب في الأمر ان حكام التطبيع هم اكثر من اسرائيل حقدا على فلسطين وايران ، وابواقهم الاعلامية تعطي الحق لاسرائيل بان تستعين بمن تشاء لمواجهة الشعب الفلسطيني ، ولا تعطي الحق للشعب الفلسطيني بأن يستعين بالجمهورية الاسلامية ومحور المقاومة من اجل الدفاع عن نفسه ، لقد كان الدعم الايراني للشعب الفلسطيني قويا ومدويا واستطاع الردع الصاروخي ان يعيد الصهاينة الى حجمهم الحقيقي كعصابة عنصرية محتلة منبوذة عالميا تستمد البقاء من دعم حكام الدول العظمى وخنوع حكام العرب ، عندما دخلت الصواريخ الصغيرة الى المعركة اعادت التوازن ، اربعة ايام من الصواريخ جعلت الصهاينة ومجلس الامن والدول الداعمة لاسرائيل ينادون مجددا بالعودة الى الهدوء وتنفيذ حل الدولتين ، فكيف اذا دخلت الصواريخ الكبيرة الى ساحة المعركة ، كيف اذا زحفت النسخ المطورة من شهاب وقدر والفتح والفجر وغيرها باتجاه اسرائيل ؟ المعركة اليوم تدور بين ناتو عربي مناصر لاسرائيل وبين ايران الحاضنة للشعب الفلسطيني وشعوب محور المقاومة ، تحالف حكام عرب اراذل يدعم اسرائيل لكي يبقى في السلطة يقابله تحالف شعوب تقف صفا واحدا في محور المقاومة ، تغيرت معادلة الصراع ، وستكشف الايام لمن الغلبة .
https://telegram.me/buratha