عمار محمد طيب العراقي ||
• عن الإنتخابات والتسقيط السياسي
أرسلت مفوضية الإنتخابات سلسلة إشارات متتابعة، تشي يأن الأنتخابات المبكرة والتي تاجلت مرتين قبل الآن، ستقام في موعدها الذي اسمته موعدا نهائيا في 10/10/2021، إذ أقفلت المفوضية عمليات منح البطاقة البايرومترية، توطئة إتمام تحديث سجل الناخبين كما اعلنت، وأعلنت الشكل النهائي للتحالفات السياسي، وكذلك قوائم المرشحين، كل ذلك بعنوان المهنية، ولكن من الواضح أن هنالك غايات في نفس يعقوب..ومع أن كل شيء وارد الحدوث، وأن إحتمال تأجيل ثالث للأنتخابات يبقى قائما، لكن الأمور تبدو أقرب الى إجراء ألأنتخابات في موعدها المحدد.
معنى هذا أن الماراثون الإنتخابي قد بدأ، وأن الدعاية ألإنتخابية بأشكالها المختلفة، ومعظمها مقزز وغير مجد على الإطلاق، قد شُرع بها فعلا، وأن أموالا بدأت تجد طريقها الى جيوب الجيوش الأليكترونية، وهي حواسيب خبيثة تعمل لصالح من يدفع، وهي باتت واقع لمسه أغلب المشتغلين بالحقل السياسي، إضافة الى المواطنين على مختلف توجهاتهم وميولهم السياسية، جيوش قبالة جيوش، ذباب يأز قبالته ذباب يطن..طنين ..طنين وصداع ما قبل الأنتخابات.
هذا منهج صراع موجود في كل المؤسسات والأنساق الحياتية المختلفة, ومادام هناك نسق مغلق, ستجد هذا النوع من التعاطي, ولكن تأثيره وتبعاته وتداعياته في مجال السياسة أكثر بكثير, خاصة وان المشترك الأكبر فيه هو جموع المواطنين, أي أن تأثيره ليس قاصرا على نماذج فردية.
مع شديد الأسف فإنه وكماهو في كل مكان، وفي بيئتنا السياسية أيضا، يوجد من هو صالح وقبالته يوجد الطالح, في أغلب الأحيان فإن الصالح تتم محاربته، حتى في داخل تنظيمه السياسي، من قبل الطالحين المفسدين, بهدف ازاحته ليخلو لهم الجو !
المشكلة لا تقتصر على ذلك, بل أن المشكلة الأكبر؛ هي ان الشخص الصالح، وبعض هؤلاء الصالحين من خيرة المجاهدين، نالهم كثير من التشكيك والتسقيط، والمحاربة والشتم والإقصاء؛ من قبل المجتمع البسيط الذي يتبع سياسة توجيه التهم الجاهزة المطقة للكل، ما يسبب له احباطا كبيرا, ويسبب له انعزال وشبه مقاطعة من أهله وعشيرته، والنتيجة, هي مغادرة الجيدين والصالحين.
هذا ما أدى ويؤدي؛ إلى تقلص عدد الصالحين في العمل السياسي.
وجهة النظر الجماهيرية في تقييم السياسي, وما فيها من بساطة وانفعالية عاطفية طاغية, مع عدم تمحيصه للمعلومات؛ كان سببا رئيسيّاً وكبيرا في إقصاء الصالحين من أي عمل سياسي .
النتيجة : بمرور الزمن, سيسيطر كل المفسدين على كل ادوات ادارة الدولة, وستُسلب من المواطن إمكانية النقد والتقييم, بل سيُقص لسانه ولسان الخلفوه إذا تكلم بسوء عن المفسدين والسيئين !!
الحل: هو اتباع ما أوصت ووجهت به المرجعية دوما وأبدا: عليكم بالسؤال والنقاش والتمحيص العقلاني البعيد عن العاطفة القلبية العمياء, بل تحاكا كل تفاصيل ومعطيات المرشح وأصوله التربوية والنفسية وامكاناته العلمية والأكاديمية والاجتماعية, وأخلاقه الدينية والمجتمعية, ونزاهته ونزاهة أهل بيته في أخلاقه وحسن سيرته وسلوكه, وعدم الإكتفاء من مصدر معلومات واحد في تحصيل كل ذلك, كأن يكون معلومات الفيس بوك الساذجة التسقيطية, فالموضوع يحتاج لتعب البحث والتمحيص والتأكد من قبل المواطن ..
في شرح النهج لابن ابی الحديد (1/326):
توصل عبد الله بن الزبير إلى امرأة عبد الله بن عمر - وهى أخت المختار بن أبى عبيدة الثقفى - في أن تكلم بعلها عبد الله بن عمر أن يبايعه .فكلمته في ذلك ، وذكرت صلاته وقيامه وصيامه ، فقال لها : أ ما رأيت البغلات الشهب التى كنا نراها تحت معاوية بالحجر إذا قدم مكة ؟ قالت : بلى ، قال : فإياها يطلب ابن الزبير بصومه وصلاته !
كثير من السياسيين عندنا يطلب ( البغلات الشهب ) , وهذا واضح ولا يحتاج إلى دليل أو شاهد لكن الذي يبعث على العجب ( وما عشت اراك الدهر عجبًا ) هو أنهم على صنفين :
صنف فاسد ويعرف أنه فاسد لكن بالنهاية ( محترم نفسه ) ولا يثرثر باسم النزاهة ولاينظر بعنوان القيم والمبادئ , وصنف آخر فاسد وهو لا يعرف أنه فاسد فتراه ( يشفط ) مال الله ليلًا ويتخم الآذان بمقولات نظافة اليد نهارًا !
والذي بين الصنفين أندر من الكبريت الأحمر .
شكرا