المقالات

الحالة بائسة، لكن ..!


  محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

يجد الكاتبُ المتابعُ صعوبةً نفسيةً في الحديث عن الحالة الراهنة في العراق. ومكمن الصعوبة عدمُ رغبة الكاتب في الافصاح عن طبيعة هذه الحالة والتسبب في صدمة الجمهور بها، مع ان الجمهور يعيش هذه الحالة بتفاصيلها يوميا.  الحالة العراقية بائسة في جميع جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. سياسيا بلغ "التيه السياسي"، كما يقول الصديق لقمان الفيلي، ذروته. فالدولة في اضعف حالاتها، والاحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة في اقصى درجات تشتتها وانقسامها، والحركة الاصلاحية التي دعمتها المرجعية اجهضت ودخل افرادها في خانة التشتت الحزبي، والثقة تكاد تكون معدومة بين النظام السياسي والجمهور، بل هي مفقودة في مختلف المجالات.  اقتصاديا واجتماعيا بلغ النظام الريعي غير الانتاجي نهاية بؤسه ولم يعد قادرا على اعالة ١٠-١٣ مليون فم فقير، ولم يعد قادرا على تقديم الحد الادنى الضروري من الخدمات للناس، وتقلصت القدرة الشرائية للمواطنين بسبب سياسات حكومة "الامي المبخوت" غير المدروسة، ومازال الفساد المالي والاداري ضاربا اطنابه في مختلف اركان الدولة.  الانتخابات "المبكرة والفردية" والتي كانت احدى مفردات الحركة الاصلاحية انحرفت عن مقاصدها، فلا هي مبكرة، ولا هي فردية، ومازال عدد الاحزاب كبيرا على ٣٢٩ مقعدا نيابيا، رغم ان عدد المرشحين شهد انخفاضا ملموسا بسبب اختلاف طبيعة الترشيح. هذا كله فضلا عن سلبيات النظام الريعي الاساسية واعتماده على مصدر واحد هو النفط الذي تتآكل اهميته عالميا بنحو مضطرد. هذه هي الحالة الراهنة، وهي حالة بائسة بلا شك. مع التأكيد على انها ليست بلا جذور واسباب تاريخية بعيدة وعميقة في بنية المجتمع والدولة من ١٠٠ عام او اكثر. لابد من الاقرار ان هذه الحالة تفاقمت في العقود الستة الاخيرة، ولم تنجح عملية اسقاط نظام صدام في عام ٢٠٠٣، في اصلاح الحالة حيث شابت العملية السياسية بعد ذلك التاريخ ما اصطلحت عليه عنوان "عيوب التأسيس" التي انحرفت بالمسار السياسي والاقتصادي للدولة الى هاوية سحيقة اوصلتنا الى ما نحن عليه الان. وقد نبهت على ذلك في العديد من المقالات المنشورة منذ تشكيل مجلس الحكم في ١٢ تموز عام ٢٠٠٣. كما نبهت على الثغرات الكبيرة في دستور عام ٢٠٠٥، ورشحتُ  نفسي مع مجموعة من الاصدقاء في الانتخابات الاولى تحت عنوان "التيار الاسلامي الديمقراطي"، لتصحيح الانحراف وبناء الدولة على اسس حضارية كنا قد اعلناها في وثيقة عام ٢٠٠٢. لكن ما العمل وجمهور الناخبين لم يكن يفضل هذا الخيار، وذهب الى خيارات اخرى قادت البلاد الى حالتها البائسة الراهنة. وحتى عندما توليت رئاسة شبكة الاعلام العراقي حاولت تطبيق بعض مباديء البناء الحضاري الحديث للمؤسسات، وقد نجحت بعض محاولاتي فيما فشلت الاخرى، وتعرضت لمختلف الضغوط، حتى دفعني الامر الى طلب احالتي على التقاعد، ثم تعرقلت او توقفت المشاريع التي كنت بدأت بها في الشبكة، مثل مشروع كلية الهندسة الاعلامية. احد المراقبين النابهين قال: "لايمكن ابقاء العراق محكوما بهذه الطريقة. فاما هناك دولة واستقرار واما الذهاب الى حرب اهلية وتقسيم. فالعراق ليس لبنان يتحمل الوضع القائم فيه".  ولا نقاش في الجزء الاول من هذا القول بالنسبة للعراق: "فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ". وهذا وصف ينطبق تمام الانطباق على العراق الذي  تخطفته الاهواء، وهوت به رياح المصالح المتناقضة في الدرك الاسفل من المؤشرات العالمية للجودة والحرية والديمقراطية والهشاشة والفساد وكل شيء. كان المرحوم احمد الجلبي يرد. القول: الحالة بائسة، لكن غير ميؤوس منها. واجد نفسي اردد العبارة نفسها اليوم. على امل .....
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك