المقالات

نفحات قرآنية (١٦)


 

رياض البغدادي ||

 

مختصر تفسير الآيات (٣١-٤١) من سورة (المؤمنون)

بسم الله الرحمن الرحيم « ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣٢) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (٣٤) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (٣٦) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (٣٩) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (٤٠) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١) ».

الآيات المباركات تتحدث في قصة النبي هود عليه السلام كما ورد عن ابن عباس وقال غيرهم انها تتحدث في صالح وثمود لانهم هلكوا بالصيحة ..

وهاهنا سؤالات :

1. لماذا لم يتعدَّ بإلى في كلمة ( أرسل ) في قوله ( فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا )كما هو الحال في أخواتها مثل وجه و أنفذ وبعث ؟

الجواب : ذلك لأن الأمة والقرية جُعلت موضعاً للإرسال .

2. هل يصح ماقاله البعض أن قوله (أَفَلَا تَتَّقُونَ ) غير موصول بالاول ؟وإنما قاله بعد أن كذبوه ؟

الجواب : يجوز أن يكون موصول بالكلام الأول بأن دعاهم وحذرهم لما رأى عبادتهم للأوثان.

وقد تحدثت الآيات عن ثلاث صفات لهؤلاء القوم :.

1. الكفر (الَّذِينَ كَفَرُوا )

2. التكذيب بالآخرة (وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ )

3. حب الدنيا (وَأَتْرَفْنَاهُمْ )

سؤال : ورد جواب قومه في سورة هود من غير واو (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا ...)هود (27) وههنا مع الواو ؟

الجواب : الذي مع الواو فعطف لما قالوه على ما قاله ومعناه أنه اجتمع في هذه الواقعة هذا الكلام .

واما الذي بغير الواو فعلى تقدير سؤال سائل ( قال فما قال قومه ؟ ) فقيل له كيت وكيت .

وكانت شبهات القوم هي شيئان :

الأول ـ (يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ) أي انه ( بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) .

الثاني – طعنوا في صحة الحشر (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ ) .

وأعلم أن الله سبحانه ما ذكر جواب شبهاتهم لركاكتها ووضوح فسادها ،وذلك لان النبي سواء أكان من جنس الملائكة أم من جنس البشر ، فالمعجزات التي يأتي بها هي مدار التصديق به ،بل إنَّ النبي إنْ كان من جنس البشر لكان أولى , لأن الجنسية مظنة الألفة والمؤانسة .

ويحسن رد الشبهة الثانية بأمرين :

الأول أنه تعالى لما كان قادراً على كل الممكنات بالتأكيد هو قادر على الحشر .

والثاني أنه تعالى عادل وليس من صفات العادل أن لا ينصف المظلوم ،أو يقتص من الظالم ،وما الحشر الا لهذا وغيره .

ولما يئس الرسول من قبول الأكابر والأصاغر فزع الى ربه وقال : (رَبِّ انْصُرْنِي ) وقد تقدم الكلام في تفسيرها في قصة نوح (ع) .

فأجابه الله تعالى فيما سأل وقال (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ) أي أن الله تعالى سيُظهر لهم آيات العذاب فيصبح الوقت وقت إيمان اليأس فلا ينتفعون بالندامة .

وقيل في الصيحة (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ ) أقوال :

١- إن جبريل صاح بهم صيحة عظيمة .

٢- ماروي عن ابن عباس ، انها الرجفة .

٣- إنها نفس العذاب والموت ،كما يقال فيمن يموت : دُعِيَ فأجاب .

٤- إنه العذاب المصطلم كما قال الشاعر (صاح الزمان بآل برمك .. خروا لشدتها على الاذقان).

والقول الأول أولى لانه أقرب .

قوله تعالى (بِالْحَقِّ ) أي بالعدل او معناها بما لا يدفع ،كقوله تعالى ( وجاءت سكرة الموت بالحق ) ق ١٩ وأما معنى قوله تعالى ( فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً ) وهذه استعارة والمراد بها - والله أعلم - أنه عاجلهم بالاستئصال والهلاك ، فطاحوا كما يطيح الغثاء إذا سال به السيل . والغُثاء : ما حَملت السيول في ممرها من أضغاث النبات وهشيم الأوراق وما يجري مجرى ذلك . فكأن أولئك القوم هلكوا ، ولم يُحَسَّ لهم أثر ، کما لايُحَسُّ أثر ما طاح به السيل من هذه الأشياء المذكورة لسرعة سيره وهوان فقدانه.

وأما قوله تعالى (فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ففيه مسألتان :

الأولى – بعداً وسحقاً ونحوها هي من جملة المصادر التي قال عنها سيبويه إنها نصبت بأفعال لا يستعمل إظهارها مثل ( بعد بعداً و سحق سحقاً ) .

الثانية – بعداً بمنزلة التبعيد من الخير ،ليكون ذلك عبرة لمن يجيء بعدهم ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك