المقالات

موائد رمضان السياسية!


  عمار محمد طيب العراقي ||   مضى أكثر من نصف رمضان، وبدأت أوراقه تتساقط، ولا شك أن شهر الصوم الفضيل، هو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وشهر بناء النفس من وجهة نظر عقلائية، مدعمة بنصوص دينية قاطعة، سواء عن القرآن الكريم، أو عن المعصوم عليه السلام، أو على الأقل هذا ما تربينا عليه منذ أن بزغ نور الإسلام في صدور أسلافنا.. يفترض أن نكون في هذا الشهر الفضيل، على أعلى درجات الإنضباط اللساني، فقد قيل في الأثر؛ إن الصيام ينمي عند المسلم، الإلتزام بالأخلاق الحميدة ومحاسبة الذات، التي تعني أن تسأل نفسك ماذا فعلت اليوم من حسنات وسيئات، ومعلوم أن الحسنات يذهبن بالسيئات،  مثلما معمول به في بعض كلياتنا الطبية، حيث أن الخطأ يأكل إجابتين صحيحتين في الإمتحان! وفي رمضان على وجه التخصيص يفترض أن يمتنع الإنسان؛ عن الحديث الجارح والبذيء، ويتجه بجوارحه للعبادة.. غير أن مجريات المشهد السياسي العراقي، ربما لا تجعل من أيام الشهر أياما يلتزم فيها الساسة، ويكفوا عن خبيث القول في السياسة... رمضان الكريم أيضا شهر الفرصة التعبوية التي لا تفوت من وجهة نظر سياسية!.. هذا أمر ليس بالجديد، بل هي طقوس بدأت مع بدء تشكل الدولة والنظام السياسي منذ فجر الإسلام ولغاية اليوم! رمضان في شطره المرتبط بالخير، توظف الأعمال الخيرية لخدمة الساسة والحاكمين وأهدافهم، وفي شطره الإنساني الإنساني والمرتبط بالدين، توظف الأعمال الإنسانية لخدمة الساسة وأهدافهم ايضا..في رمضان تكثر الحصص الغذائية الموزعة وتكثر الموائد العامة وتمد الأسمطة، ومعها أيضاً يكثر الكلام والكلام المضاد.  توصف تلك الموائد بوصف مقيمها..فاذا كان مقيمها على وفاق سياسي مع المتحدث عنه، الممدود على السماط شأنه شأن الطعام، فهو مؤمن وفاعل خير وأياديه بيضاء وكريم، اما اذا كان في الخط الآخر، فهو لحم ميت مأكول ذما وقدحا وتخوينا، وفي كل مضغة فك تتناوشه الألسن بما به وليس به.. كثير من موائد رمضان السياسية، عبارة عن مال مشبوه لأغراض مشبوهة، ولذر الرماد في العيون وللوجاهة، أما إذا أطعموا الفقراء والمعوزين فإنه الإذلال بعينه!...  لست قاسيا في الوصف والتوصيف، لكننا بتنا نعيش في أوساط لا سيادة فيها للضمير، ولا مكان للأخلاق ولا فسحة لقلب يحلم بالقيم والجمال..إنها أوساط مجتمع تتكدس فيها أفكار ميتة وأخرى قاتلة.. تطلق فيها ومنها الأفعال والأقوال والأفكار، ليس دفاعا عن مظلوم ولكن لقتل الحب والوئام، وترفع فيها الفأس فقط لإجثتات الشجرة الوارفة الظلال، ولدفن الأنوار الساطعة، وقتل العقول النيرة.  موائد رمضان السياسية، عبارة عن مجتمعات لا تقدم فيها المواعظ، إلا لتبرير الارتداد والانحطاط والجمود، ولا تلقى فيه الخطب إلا لشرعنة الاستبداد وأعراف الهيمنة والظلم. إنه شهر الرحمة والمغفرة أيها الساسة فحسب، وليس شهرا لخدمة أغراض سياسية، فأهتبلوه لتصحيح خطاكم، وأستفيدوا منه أيها السياسيبن؛ لترميم  أنفسكم وإعادة ما تساقط من أحجارها الى مواضعها السليمة، ورمضان سادتي للبحث عن الرأي النير تقدموه هدية لأنفسكم ولشعبكم ولأخوة لكم في الدين وليس في السياسة..فالحساب عند الله سيكون بمكيال غير مكيالكم. لكن حسبنا أن الأجر على قدر المشقة، وكأنما قيض لهذا الشعب، أن تمتزج طاعاته العبادية بآلامه السياسية... شكرا
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك