المقالات

المحصلة حينما يجتمع الفكر بالرجولة؟!


 

عمار محمد طيب العراقي ||

 

منظمة بدر بأرثها الجهادي الممتد قرابة أربعين عاما، باتت بناءا لا يمكن للتاريخ العراقي المعاصر؛ إلا أن يقف عنده، ليس كمحطة من محطاته، بل لأن المنظمة التي شهدت تحولات كبرى في بنيتها وعطائها، منذ تأسيسها في أوائل ثمانينيات القرن العشرين ولغاية اليوم، ولأنها تعد أحد اهم صناع هذا التاريخ؛ بكل تداعياته وإسقاطاته ونتائجه.

هذا التاريخ المجيد بمحطاته المتعددة، ومسيرته المتواصلة بنجاحاتها وإخفاقاتها، وبأيجابيتها وسلبيتها، ليس ملكا لبدر وحدها، بل هو ملك للشعب العراقي والأمة الأسلامية، فبدر كانت وما تزال رأس السنان؛ في كل معارك العراقيين من أجل مستقبلهم وحريتهم وإنعتاقهم.

مخطيء من يقف تفكيره عند محطة أن بدر؛ ليست إلا تنظيما جهاديا، كان هدفه إسقاط نظام صدام، فالهدف كائن وما يزال ابعد من ذلك بكثير، وهو يتنقل برشاقة بين الأولويات؛ من هدف إسقاط النظام، مرورا ببناء الإنسان العراقي، وصولا الى هدف أكبر من ذلك بكثير، وهو هدف إنشاء دولة العدل الإلهي المنشودة.

هذا التنقل بين الأهداف؛ يستند بقوة الى فضاء فكري، يحدد مساراته؛ ويرسم الطريق السليم للوصول الى الأهداف.

لقد اختار "بدر" طريقا واضحا أثبتت السنوات صحته على الرغم مما ترتب عليه من تضحيات ومصاعب وأهوال، وهو اختيار واع جاء عن إدراك لحقيقة الموقف آنذاك، ولذلك لم يجد البدريون صعوبة في التأقلم مع تحولات الموقف المختلفة والتضحيات اللازمة عند كل تحول حتى الوصول الى مرحلة الإطاحة بالنظام البعثي وإعلان نهاية العمل العسكري والتحول الى منظمة سياسية سلمية.

كانت سنوات الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، شاهدا على صولات جهادية كبيرة سجلها البدريون، وهي مآثر للعراقيين جميعا، لأنها رد قاطع مختوم بالدم على كل الشبهات، التي يراد تسويقها بالقول إن العراقيين كانوا قد ارتضوا حكم الطاغية البعثي، ولم يقوموا بالاعتراض عليه، فهل هناك دليل أكبر على رفض العراقيين لذلك النظام الوحشي؛ من هذا السفر الشامخ بالتضحيات التي قدمها فيلق بدر؟!.

"بدر" تاريخ طويل من المواجهة والتضحيات، وطريق متواصل من العمل والعطاء، عبر فيه العراقيون ممن انتسبوا الى بدر، عن حبهم لوطنهم وحرصهم على كرامته، ورغبتهم في الدفاع عنه وعن أهله، مهما تكبدوا من أثمان.

لقد أفلح البدريون في الإصرار على خياراتهم الوطنية، ليس في مرحلة المواجهة مع النظام البعثي فقط، وإنما أيضا في مرحلة العمل السياسي، التي لا تقل تعقيدا وصعوبة عن سابقتها، وتتقدم منظمة بدر اليوم للعمل في إطار جديد مستقل، يعتمد الثوابت المعروفة نفسها، لكنه ينسجم مع الظروف المستجدة، لتقديم خدمة أكبر للعراق، ولتقديم مساهمة أفضل في بناء الوطن.

"بدر" اليوم ليس كيانا سياسيا؛ بالمعنى البسيط المتعارف عليه، بل هو عنوان أمة، وما نتحدث به في كتاباتنا ليس خطابا تعبويا، فهذا ليس شأننا أبدا، لأن الخطابات التعبوية ليست شأن الذين حملوا دمائهم على أكفهم، وبدر ورجاله من هذا النوع بل أكثر، فهم أصدقاء الموت وصناع الحياة.

ولم يترك البدريون الأبطال؛ منذ أن تأسس بدر ولغاية اليوم، سلاحهم حتى في أشد الظروف قساوة ومحنة، ومن يكون بهذه المواصفات، لا يعقل أن يكون بلا رؤية متكاملة، لما يجب أن يكون عليه الغد، رؤيتنا مستمدة من ارث مرجعي كبير، وخزين معرفي هائل للثورة الإسلامية، ومن قيادتها النائبة عن المعصوم (ع).

"بدر" يكتنف  أيضا؛ على خزين هائل من الإمكانات البشرية المتنوعة، من النخب والكفاءات الأحرار الشرفاء، الذين وضعوا الله تعالى والوطن، نصب أعينهم في كل خطوة يخطونها، وأذا كانت ظروف التحول السياسي في العراق، عام 2003 ، قد اقتضت أن يتقدم عدد محدود بعينه من البدريين، لإشغال الصفوف الأولى في العملية السياسية، فإن هذا العدد لا يمثل كل ما يمتلكه بدر من كوادر ونخب، قادرة وصالحة لإدارة الدولة..

بدر خزان عطاء كبير وحجمه بحجم أمة.

شكرا

25/4/2021

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك