ضحى الخالدي ||
- لا أعتقد أن وزارة المالية والحكومة من ورائها، تأبهان لرد فعل الشارع، أو رد فعل البرلمان، فهي مستمرة في منهج ثابت ومحدد لمحاربة المواطنين في قوتهم ومعيشتهم دون الخوف من أن تشتعل شرارة التظاهرات التسقيطية ضدها كما في حكومة عبد المهدي، لأنها تعلم أن تظاهرات تشرين هي تظاهرات مسيّسة غير شعبية، وهي التي أتت به، فجاء محمولاً على أكتاف المتظاهرين والناشطين، كما يعيّر التشرينيون غيرهم بأنهم جاؤا على ظهر الدبابة الاميركية، وشيء آخر يدعو لاطمئنان حكومة الكاظمي هو أن البرلمان لا يقوم بدوره الرقابي والتشريعي إلا في الإعلام، والكتل السياسية متفقة معه في كثير من القرارات إن لم يكن جميعها ما دامت مصالحها مضمونة حسب الاتفاق، فإذا ما انخرم الاتفاق علت الأصوات بنبرة الوطن والمواطن والمواطَنة، وأما التظاهرات الشعبية المطلبية فهي تُجابَه بالماء الحار والعِصِيّ، هذا إذا اعتبرنا أن هناك تظاهرات مطلبية شعبية في العراق من الأصل؛ كلها مُسيّسة واستعراضات لجماهير انتخابية.
- المادة ٣٤ التي يدّعي وزير المالية الاستناد إليها، لها علاقة بالاستقطاعات الجمركية والضريبية على الاستيراد، وليس ضريبة الدخل.
- عشرات القرارات التي مُرّرت من قبل حكومة الكاظمي خلال سنة تقريباً، لم نشهد إرادةً جادةً لمحاسبته ومساءلته، وما تحت الطاولة، ليس كما فوقها. كل هم الكتل السياسية هو كيفية الفوز بأكبر عدد من المقاعد النيابية، بغضّ النظر عن كون الانتخابات ستُجرى أم لا، والمفارقة أنهم لا يديرون آلياتهم الانتخابية بالشكل الصحيح، ولا يوجّهونها الوجهة الصحيحة.
- لا توجد ثقة لدى المواطن بأن المبالغ المستقطَعة ستُستَثمَر في خدمته، وأنا من هؤلاء المواطنين.
- هذا الضغط هدفه واضح، وهو تركيع الشعب العراقي ليقبل بالتطبيع، كما فعل الحصار فعلته ليتقبّل الشعب الخلاص من المقبور صدام بأي طريقة، ولو بالغزو. لا تعدو الانتخابات كونها طُعماً للكتل السياسية كي تنشغل بالمغانم والمكاسب، وتسكت عن توجهات الحكومة الحالية والمقبلة المرتمية في الحضن الصهيوني.
- تصريح وزير المالية (بامكان مجلس الوزراء رفض القرار) هل سيفعلها؟ هو تصريح حمّال أوجه:
فتارةً يراد منه تحدي الوزراء الذين يمثلون كتلهم في معارضة القرار بالتصويت في المجلس، إذا كانت هذه رغبة رئيس الحكومة، على اعتبار أن هذا القرار مثل قرار رفع سعر صرف الدولار ، متفقٌ عليه.
وتارةً يكون قرار وزارة المالية دعائي أصلاً، يراد منه أن يعارضه رئيس مجلس الوزراء، ليتحول الى بطل انتخابي.
عموماً فإن هكذا قرارات (تخفيض قيمة العُملة المحلية، زيادة الضرائب، الاستقطاعات...إلخ.) كلها من إملاءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وقد تحدثت عن ذلك في تقرير مفصّل مُسهَب، يمكنكم الرجوع إليه.
- لا أعتقد أن هناك تظاهرات حقيقية ستندلع ضد هذا القرار إن طُبِّقَ فعلاً، بل فوضى، وربما (فرهود) مُسيّس أيضاً كغلق المدارس، وهو ما تريده أميركا.
- الجهة المستفيدة داخلياً هي الأحزاب التي تزمع تمويل حملاتها الانتخابية من لقمة الفقير، بما فيها حزب المرحلة، وخارجياً هي أميركا وإسرائيل، والدول العربية والغربية في معسكرهما.
- حكومة الكاظمي تسير وفق أجندا مرسومة بعناية، والرجل مدعوم خارجياً من أميركا والعمق العربي الداعشي، وداخلياً من تحالف عراقيون، وسائرون تدعم كل قراراته وتلوّح بالعصى لِمَن عصى، وكل ذلك يمثل بُعبُع سياسي وأمني للكتل المناوئة، وأسلوب ترغيب وترهيب للكتل البراغماتية.
- هل سيحمل المستقبل المزيد من الصدمات؟ بكل تأكيد هناك المزيد، لكنها لم تعد صدمات، اعتدنا منذ ثمانية عشر عاماً على تصريحات السياسيين عن الخروج من عنق الزجاجة، والتخوّف من الدخول في نفق مظلم، ولا أدري هل خرجنا يوماً من عنق الزجاجة؟ أَلَمْ ندخل النفق المظلم بعد؟!
لَعَمْري إنه نفق مظلم، وخاص بالمترو، وإن عنق الزجاجة الذي علقنا فيه، ويعتصرنا بشدة... مكسور.
https://telegram.me/buratha