المقالات

اضاعوا المواطنة والمكون معا.


 

محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

لا احب الطائفية ومصطلحاتها ومفرداتها بمختلف اشكالها، و اعتقد ان الحل الطائفي للمشكلة السياسية- الاجتماعية في العراق هو جزء من المشكلة، ولا يمثل حلا بقدر ما يزيد من تعقيد المشكلة ومفاقمة نتائجها الخطيرة ومضاعفاتها الكبيرة. واعتقد ان الحل الوطني-الديمقراطي في اطار الدولة الحضارية الحديثة هو وحده الطريق الى حل هذه المشكلة. ولهذا ادعو وبه ابشر واكتب. لكني كتبت هذا المقال من وحي نفس العقلية والمنهجية التي سارت عليها العملية السياسية بعد سقوط النظام الدكتاتوري بفرسانها المصنفين طائفيا وعرقيا بانهم شيعة وسنة واكراد.

بعد ٩ نيسان عام ٢٠٠٣ قبل الذين تصدوا لقيادة العملية السياسية من رجال المعارضة السابقة وغيرها بمنهجية "المكونات" في بناء السلطة الجديدة برعاية الطرف الدولي "القائم بالاحتلال" حسب تعبير قرار مجلس الامن، اي الولايات المتحدة وبريطانيا. ولم تكن الاصوات التي عارضت هذه المنهجية مسموعةً انذاك، فجرى تشكيل مجلس الحكم والحكومة التي تفرعت عنه على اساس محاصصة المكونات، وتم تقاسم السلطة وتقسيمها على الرقم ٣ مع زوائد لارضاء الاقليات المكوناتية الاخرى. وبذلك تم دق المسمار الاول والاخير في نعش المواطنة والديمقراطية. وبموجب هذا التقاسم اخذ الشيعة رئاسة الوزراء والسنة رئاسة البرلمان والكرد، المستقلون في اقليمهم، رئاسة الجمهورية. وبموجب الدستور، فان الطرف الذي يستحوذ على رئاسة مجلس الوزراء سيكون الطرف الاكثر تاثيرا على مجريات الاوضاع، سلبا او ايجابا. وكان هذا من نصيب امراء السياسة والحرب الشيعة الذين لم يعرف عنهم ايمانهم بالمواطنة ولا تمسكهم بالديمقراطية، ولا تبنيهم لفكرة الدولة الحضارية الحديثة، ولا يقل عنهم نظراؤهم السنة والكرد في هذا، لكن حديثي هنا مقصور فقط عن الشيعة.

امراء السياسة والحرب الشيعة لم يتجهوا الى تشكيل السلطة وبناء الدولة على اساس المواطنة والديمقراطية، انما اسكرتهم مباهج المحاصصة الطائفية وامتيازاتها، فساروا في طريقها حتى الموت وشربوا من كأسها حتى الثمالة. وفيما هم سكارى، راحوا ينقسمون على انفسهم انقسامات اميبية متتالية، فانقسم المجلس والحزب والتيار وتكاثرت الاسماء المتشابهة، ومعها الصراعات المستميتة على مواقع السلطة وصفقاتها، وطبقا للسنة التاريخية التي حذر منها القران الكريم بقوله: "وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ"، اخذت قبضتهم على السلطة تتراخى، رجالا ومكونا، حتى سقطت تفاحة السلطة اسيرة بيد ابعد الناس عن المكون والمواطنة، واضعفهم، كما آل امر الخلافة العباسية في بغداد او الخلافة الاموية في الاندلس، حين وقعت الدولتان في اسر المنازعات الطائفية على السلطة، فضعف امر السلطتين وتفكك وتحلل لتسقط الاولى عام ١٢٥٨ بيد المغول، والثانية عام ١٤٩٢ بيد الاسبان. وما يجري الان ببغداد ببعيد عما جرى في بغداد وغرناطة انذاك، حيث اضاعوا المواطنة والمكون معا.

امام امراء السياسة والحرب الشيعة طريقان لا ثالث لهما:

اما العودة الى "المكون" والحفاظ على وحدته وتماسكه، والتخلي عن اطماعهم الشخصية وطموحاتهم الفئوية، وتسوية نزاعاتهم وحلها بما يحفظ هذه الوحدة وتماسكها وقوتها.

او، وهذا ما افضله واؤمن به واتبناه، الذهاب الى فكرة الدولة الحضارية الحديثة، وحمل رايتها، واقناع امراء السياسة والحرب في المكونات الاخرى بها، وبخاصة المكون الكردي والسني، للخروج معا من مستنقع الطائفية السياسية والمحاصصة الحزبية، ومعهما التخلف والفقر والفساد، وانقاذ العراق من هاوية سحيقة لا ضمان بعدم السقوط فيها اذا استمر الوضع الحالي في تفاقمه وتدهوره المستمرين.

ليس عندي استطلاعات للرأي العام حول هذين الخيارين، لكني اظن ظنا سليما ليس من نوعية الاثم التي حذر منها القران الكريم، ان اغلبية المواطنين العراقيين، من الشيعة والسنة والكرد وغيرهم، يفضلون الخيار الوطني الديمقراطي، على الخيار الطائفي المكوناتي.

ـــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك