ضحى الخالدي ||
حين دخلَتِ المقاومةُ مجلسَ النواب، كتبتُ على حسابي في الفيسبوك: (قلمي سيكون أقسى عليكم من غيركم، لأنكم تنتمون إلى الجهة التي تشرِّف مجلس النواب نواباً وزعامات، لأنكم تنتمون إلى التضحيات، وتمثلون دماء الشهداء، تمثلون خط المراجع والولاية، تمثلون الفتوى والحشد المقدس).
نعم أرفض التقصير المتعمد، وأنقد النقد البنّاء لا الهدّام، لأن (غلطة الشاطر بألف)، لكن لا أُشهّر، ولا أُسقّط؛ لأن المشروع مشروعنا جميعاً، وإذا كانت الأدوات والأساليب غير ملائمة تُستبدَل، لكن لا نتنازل عن المشروع، ونقدم رقابنا لعدونا على طبق من ذهب!.
أنتقد الفعل والتصرف، لا أسقّط الناس، وأسلبهم الشرعية، وتبدّى هذا جليّاً حين كتبها كثيرون صراحةً منذ بداية السّجال (آن الأوان لاختيار بديل)، نعم من حق كل إنسان أن يبحث عن خياره المناسب وبديله المختار، لكن لا تتربص بأخيك؛ لتريق ماء وجهه، وتكسره، وتحوّل ما استطاع اكتسابه لك ولنفسه إلى خسران، وتجعل مدافعته الضرر والضرار عنك وعن نفسه تبدو انتهازية ووصولية.
نعم، لا أزكّيهم، وفيهم ما فيهم، وكل واحد (طينته بخده)، وكثير من المتصدّين الشيعة -ليس النوّاب فقط-يعيش في برج عاجيّ، ويعيش حلماً من نسج خياله الخصب، ونستحق منهم أداءً أفضل بكثير، نحتاج منهم ومنكم الواقعية، لكن ليس بالصورة التي حصلت، وأحدثت هذا الشرخ!.
تألمتُ للدم الواحد المراق؛ حين تحول مرَقاً دفعةً واحدة، وأريق في باب الدار أمام المارة، يتصفحه القريب والغريب، والدنيّ والشريف، والرفيع والوضيع، فيسخرون منا.... منا جميعاً، نحن الواحد المنقسم على نفسه، المأزوم في ذاته!.
حين التمستُ للفتح العذر بتمرير الموازنة، وتحدثت عن المكتسبات، لم ولن أكون مستفيدة لا من الفتح ولا من غيره، ويعلم الله ما لا يعلم سواه، وكم من مناصب خرافية للبعض، ولا يكاد يحلم بها رفضتها، و(المطرت والصحت شمحصّل العاگول)؟
نحن في زمن احترام وتقدير اللسان المنشاريّ الذي يأكلنا في الطالعة والنازلة، والقلم الذي يُغرَز كالمسمار في أضلاعنا، ما دام له ثمن، ما علينا...
آلمني شتات الشيعة، واستعجالهم، وعدم رويّتهم، وأن تأخذهم العزَّة بالإثم لمجرد التبرير!.
كنت أرجو أن يكون هناك بديل موضوعي مقترح لوضعنا، لكن لا يوجد.
كنت أرجو أن نجتمع على حقنا، كما اجتمعوا على باطلهم.
جلدنا ذواتنا فوق المعقول، وتركنا الكتل السياسية المتورطة حد الغثيان في مجزرتنا الاقتصادية والمالية، ونسينا عدونا المحتلّ، وذاك الرابض على الحدود في ثوب الشقيق!، وذلك البعيد الذي يتحلّب فاهُ من دماء أبناء وبنات بابل العصيّة، وحيدرة العظيم، ذاك الذي يطلبنا ثأرَ أنْ سلَّطَنا الله على مُلكه في الدهور الغابرة، وسيسلطنا من جديد (بنَصِّ القرآن الكريم)، فإذا هو لا يهدأ له بال إلا إذا اكتسح أرضنا، وسلبنا قوتنا ومياهنا وكرامتنا، وذبح رجالنا، وأذلّ نساءنا، ورضخ بالصخر رؤوس أطفالنا، وفوق كل هذا وذاك، وأهم من كل هذا وذاك، أن يسلخنا عن ديننا!.
مع ملاحظة أنَّ أخطر ما في الموازنة هو ليس وضعها على أساس سعر صرف الدولار المرتفع، فهذا بالدرجة الثانية، بل أخطر ما في الموازنة هو بيع أصول الدولة وممتلكاتها!!
كثير من الإخوة الكبار يخطئون ويحرجون أنفسهم وإيانا معهم، بل حتى يحرجون الجمهورية والمحور بتسرعهم، لكن مع ذلك هل نلومهم في العلن؟ هل نسقط هيبتهم وهم أنفسنا؟ (لا أقصد السنّة).
بالتأكيد لا، ونكتفي بالسكوت وابتلاع الموسى، أو بالنصح المختصر الخفي.
لا شيء حولي يبشّر بِقُرّة عين، الانقسام والفرقة والأنا في كل الصفوف، لا أستثني منها أحداً، تغلفها المجاملات فقط، ويفضحها تقاسم المغانم والمقاعد، هل تسمعني أيها الفتح؟ إِنْ لم تسمعني فاسمعني جيداً وأعِدِ القراءة.
الناس جزعت، والمكوِّن والمذهب على المحك يا حراس العقيدة والوطن، والكلام موجه لكل الشيعة في المعسكر بالعدوة الدنيا بما فيهم المرابون بالعقيدة والوطن من ذوي الياقات البِيض، لا شأن لي بمن هم في العدوة القصوى، ويدّعون أنهم شيعة.
خرج من الشيعة من خرج، وإنْ تزيَّ بزيّهم، وهذا شأن الغربلة، علينا بمن بقي، فلا تنازعوا وتفشلوا فتذهب ريحكم، نحن جميعاً على المحك، وخطواتنا اليوم ترسم شكل ألف عام مقبل، لكن خطواتنا مرتبطة بتفكيرنا!!
أنا لا أكتب، أو أتكلم، ليقال لي: (عفيه).
ليسبّ من يسبّ، وليشتم من يشتم، وليقاطع من يقاطع وليُهِنْ مَنْ يُهِنْ (براحته).
النبي (ص) قيل عنه ساحر، مجنون، كاهن، كذاب، وأمير المؤمنين (ع) شُتِمَ، والله عزّ وجل نفسه تُسَبّ ذاتُهُ العليّة وتُتّهَم منذ بدء الخليقة، وحتى اليوم، ولي بهؤلاء أسوةٌ حسنة.
هذا ليس تسويغًا؛ لأنني غير مطالبة بتسويغ لأي أحد،
لكنها شَقْشِقَةٌ هَدَرَت، وما قرّت، إلا أداء أمانة الله ورسوله.
https://telegram.me/buratha