د.أمل الأسدي ||
لا أدري لماذا هي كئيبة جدا هذا اليوم؟ ربما لأنها في الشهر الثامن،ومرت عليها أيام قلقٍ وخوف علی حملها، فهي تنتظر منذ سبع سنوات!! يبدو وجه (فاطمة) أصفر مخطوفًا ويبدو أنها تتألم من شيء ما! منذ أن استيقظت وهي تجر أنفاسها جرّا!
ـ صباح الخير يمة...صباح الخير يابة
ـ صباح الخير ...هلاببنيتنا ( ام حبيب) هانت ماظل شي واصير جدو!!
ـ واني مالي صباح الخير ، شنو؟
هكذا سألها (حسين) زوجها، فردت عليه بابتسامة وجلست لتفطر معهم، بصوت منخفض قالت لزوجها:
- بعدك تريد تروح للنجف؟ يمعود اني كلش موزينة، وحلمت حلم مو زين، وروحي اليوم احسها تريد تطلع!!
- خير ان شاء الله ، شنو؟
ـ حلمت جريذي چبير يركض وراية، وعض رجلي اليمنی وگطع اصابعي ويصيح بعد ما يجي( حبيب)!!
واختنقت بعبرتها، انتبهت (أم حسين ) إليها، وانتبه والده أيضا، ربت علی كتفها،طلب منها أن تهدأ لأجل مولودها الذي تنتظره، وستسميه (حبيب) علی اسم حبيب بن مظاهر الأسدي،شيخ الأنصار (رضوان الله عليه).
أما حسين فقال لها : استعيذي بالله، اليوم الاثنين، الاربعاء ليلا سأكون هنا، لن نتأخر!
ـ فاطمة: مو الله نجاك من العصابات وغاراتهم قبل اربعة اشهر، ليش تخلي بالي عليك؟
ـحسين: توكلي علی الله، ماكو شي، والأربعاء عيد الغدير، ولازم نجدد بيعتنا للأمير واندعيلج وارجع.
ذهب حسين ووالده مع سائر رجالات كربلاء، وبقيت روح( فاطمة) معلقةبه، وبقي صوتها يرن في أذنيه، وبقيت صورتها وهي تبكي ماثلةً أمام عينيه، يحاول الهروب منها فلا يستطيع!!
اليوم الأربعاء، ومازالت (فاطمة ) تتلوی، قالت لها أم حسين:
- لبسي عباتج، نروح نزور ونبارك الامام بعيد الغدير، وهم نندعي تگومين بالسلامة.
ـ يمة والله ما اگدر، كلش مقبوضة روحي وجسمي يون!!
- گومي بنيتي، من تزورين ترتاحين!
لبست( فاطمة) وتوضأت ولكنها مثقلة بالهموم، وكأنها تجر جبلا خلفها!! حاولت كثيرا أن تربط علی قلبها وتكون قوية؛لكن لاجدوی!!
وصلت هي وجمع من النسوة الی الحضرة، زارت الإمام الحسين، وأطالت الوقوف أمام شباك (حبيب بن مظاهر الأسدي)، أطلقت حسرتها:
ـ مولاي چفيني شر هذي الرؤية!! بجاهك عند الله ياناصر الحسين.
سرعان ما سمعت صياح،والكل يصرخ، هجم الوها بية علی كربلاء!!
(أم حسين ) خافت عليها، فكرت إن رجعت الی المنزل ستسلم، جرتها من يدها وخرجت مسرعة!!
- يمة ما اگدر اركض، يمة راح اجيب بالشارع!!
ـ بنيتي اتقوي خل نوصل للبيت!
إنه يوم القيامة، الناس كلها تفر خائفة ، الصراخ يملأ سماء كربلاء، الأغراب ينتشرون في الأزقة، الجثث والدماء غطت أرض كربلاء!!
وفاطمة مازالت تحاول... تناضل من أجل الحياة!
- يمة رجعيني للامام خل ابقی هناك
ـ بنيتي ما نگدر نرجع بعد يكتلونا، خل نوصل للبيت احسن
وصلتا الی البيت بالفعل، دخلتا ، وقبل أن تغلق( أم حسين ) الباب اقتحم ثلاثة غرباء البيت، وتعالی الصراخ!!
ـ يمة شتريدون اخذوا، بس عوفونا، احلفكم بالله ورسوله!
(فاطمة) بدأت تصرخ، إنه طلق الولادة، تمددت في باحة البيت، ازرق لونها، العرق يتصبب منها والدماء ايضا!
التفت إليها الأعرابي، جرّ حجابها، بكل وحشية سحب أقراطها والدماء تسيل من أذنيها!!
ثم سحب سيفه وشق بطنها وأخرج (حبيب) قبل آوانه!!
رماه علی صدرها وقال :الحمد لله تخلصنا من صوت ش.يعي!!
غابت أنفاس (فاطمة) وشهقة (أم حسين) بقيت معلقة بين الأرض والسماء!!
واستقبلت ملائكةُ السماء قوافل الشهداء...
واستيقظتُ أنا والكتاب مازال بيدي وصورة شباك حبيب بن مظاهر الأسدي المحترق والأوغ.اد يصنعون عليه القهوة مازالت تئن!!
إنها الطف الثانية في كربلاء!!
1802/4/21م
١٨/ذي الحجة/١٢١٦هـ
https://telegram.me/buratha