سميرة الموسوي ||
ليس النصر أن تذبح أكبر عدد من الناس وتدمر كل ما هو فوق الارض ثم تثبت علمك مستوليا لتقول أنك إنتصرت .
وليس النصر أن تحاصر الشعوب ، وتمنع عنها أقواتها فتضعفها ثم تقتحمها ، مستوليا على إرادتها وثقافتها ومدمرا بنيتها الاجتماعية ومحاولا تنميط مجتمعها بنمط مجتمعك _ عادات وتقاليدا ، ومفاهيم قيم __ وتنشر بين مكوناتها البغضاء والتناحر حتى تتمكن من سلب قوتها بأقل قدر من الخسائر .فهذا ليس نصرا ، وإنما هو عدوانا ، وقرصنة ، وغزوا ، وإعتداء سافرا على حدود الله.
قال الله سبحانه وتعالى ( والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) ، (( والسورة تتحدث عن أصل عام وهو خسران كل أبناء البشر ثم تستثني مجموعة واحدة من الاصل وهذه المجموعة هي التي لها منهج ذو أربعة أبعاد ؛ الايمان _ والعمل الصالح _ والتواصي بالحق _ والتواصي بالصبر ،وهذه السورة فيها شمولية ،والشمولية من أهم خصائصها حيث بلغت درجة أن يرى بعض المفسرين أن في هذه السورة خلاصة كل مفاهيم القرآن الكريم وأهدافه وإنها تقدم المنهج الجامع والكامل لسعادة الانسان ))
وفي آيات أخرى يتأكد المنهج الجامع والكامل لسعادة الانسان من حيث أن النصر يتم بإرادة ربانية ووفق المباديء والمعايير المحددة .فيقول جل وعلا .
· وكان حقا علينا نصر المؤمنين .
· وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب .
· وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير .
· وما للظالمين من أنصار .
· قال الحواريون نحن أنصار الله .
منذ ان خلقت البشرية كانت ولم تزل تلك هي معايير النصر الحقيقي ، وكل ما سجله التاريخ من أحداث سماها المؤرخون _ نصر __ إن لم تكن وفق المباديء والمعايير المحددة إلهيا فهي ليست نصرا ،وإنما هي مسميات جاءت وفق معايير المستبدين والسفاحين والمستكبرين وإن طال تدنيسهم للأرض التي إستولوا عليها والشعوب التي كبلوها بوجودهم .
النصر هو الذي تحقق وفق المباديء ، حتى ترسخت خيرا وعزا للشعوب وبإرادتها .فكل صمود منسوج من هذه المعايير هو نصر لا يزول ولا يتزعزع إن عاجلا أو آجلا ، ولنا اليوم من صمود بعض الدول ما يعد نبراسا ومنارا للنصر الالهي .
هاهي إيران الاسلامية تعلن بشائر نصرها كل يوم رغم التفاوت المعروف بين ترسانة أسلحتها وبين ترسانة السلاح الامريكي المدعوم إسرائيليا ومن دول أخرى تجاهلت عمدا مباديء النصر ومعاييره .
ها هو حزب الله اللبناني وقد تمسك بمباديء النصر حتى ضمن النصر بمدد من وعد الله للصابرين .
بقيت سوريا شامخة وهي تسقط رهانات الاعداء الذي إجتمعوا عليها أكثر مما إجتمعت الاحزاب عند الخندق ، فبقيت تتسامى متمسكة بما قسمه الله للمتواصين بالحق والمتواصين بالصبر .
لكن ما أبهر العالم الحديث هو صمود وإنتصارات المؤمنين في اليمن الذين لا يملكون سوى قوة الايمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والصبر حتى هزموا دولة الخنوع والمرتزقة ، وأصبحوا نبراسا للنضال ضد الظلم والاستعباد .
ها هي روسيا التي نهضت من جديد بعد تفكك الاتحاد السوفيتي فعادت كما كانت لان الكثير من معايير النصر توفرت في صمودها وفي وقوفها ندا لاعتى دولة إعتداء وإستعمار .
ينبغي لنا أن نذكر المارد الصيني الذي يتمنى التعامل معه كل شعب يعلن أو يضمر التخلص من النير الامريكي ، فالصين تتوافر في صمودها ومقارعتها الاستبداد معظم معايير النصر ومبادئه ، ومع ما ذكرناه هناك دول وشعوب ما زالت تتصدى لهمجية الاستكبار العالمي ، وأيدها الله العلي العظيم بما شاء من أسباب الصمود والحفاظ على حقها وحريتها وكرامتها الانسانية .
وإذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الارض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون .
https://telegram.me/buratha