مهدي المولى ||
كان المفروض بالمجموعات التي تدعي المدنية والعلمانية والديمقراطية وحتى اليسارية ان توحد نفسها في تيار واحد في جبهة واحدة وتتفق على خطة واحدة على برنامج واحد والتحرك وفق تلك الخطة وذلك البرنامج وكان المفروض كل هذا يتم قبل تحرير العراق لكنه لم يحدث ولو فرضنا عدم قدرتهم على تحقيق ذلك كان المفروض ان يحدث ذلك بعد التحرير مباشرة لكنه لم يحدث أيضا وهذا دليل على عدم وجود هكذا مجموعات وإذا وجدت مجرد أسماء فضائية لا وجود لها على أرض الواقع أي لا يشكلون أي مساحة من مساحة العراق بل هناك أشخاص يعيشون في واقع لا وجود له أي انتهى وقته ولم يعد يصلح أي لا قاعدة شعبية لهم.
ومع ذلك كان المفروض بهؤلاء مهما كان عددهم أن ينزلوا على الأرض ويثبتوا إنهم موجودين على الأرض على مساحة معينة ولا يهم صغرها ففي الديمقراطية كما قال أحد قادة هذه المجموعات لا الصغير يبقى صغير ولا الكبير يبقى كبير أي من الممكن ان يصير الصغير كبير والكبير يصير صغير وهذه هي حال الديمقراطية الصحيحة ويكون هدفهم الأول ومهمتهم الأولى هو بناء عراق واحد ديمقراطي تعددي عراق يحكمه الشعب يحكمه الدستور والمؤسسات الدستورية القانون والمؤسسات القانونية يضمن لكل العراقيين المساواة في الحقوق والواجبات ويضمن لهم حرية الرأي والعقيدة ويركزوا على وحدة العراق والعراقيين ويجعلوا من تيارهم تيار لكل عراقي حر ويضم كل العراقيين بكل ألوانهم وطوائفهم وأعراقهم لأن الديمقراطية أي التعددية الفكرية والسياسية هي السبيل الوحيد لبناء الحياة الحرة وخلق الإنسان الحر المستقيم حيث أثبت الواقع إن الذي يلغي غيره يلغي نفسه مهما كانت قوته وهذا ما شاهدناه بالنسبة للأنظمة الدكتاتورية ذات الرأي الواحد والحاكم الواحد قديما وحديثا.
كما يجب عليهم ان يحددوا قربهم او بعدهم من القوى السياسية المختلفة الأخرى من خلال بعدها او قربها من الديمقراطية من خلال مساهمتهم في ترسيخ ودعم الديمقراطية او عدم مساهمتهم في ذلك فالديمقراطية يصنعها الشعب المتخلق بأخلاق الديمقراطية والشعب المتخلق بأخلاق الديمقراطية تصنعه القوى الديمقراطية للأسف كل القوى التي تدعي إنها مدنية وعلمانية وتريد دولة يحكمها القانون كانت كاذبة ومزيفة بل أثبت الواقع إن بعض القوى الإسلامية أكثر ديمقراطية وأكثر احتراما للرأي الآخر منها وهذا زاد في اضمحلالها وتلاشيها.
فبناء الحياة وتطورها لا يأتي وفق الرغبات الشخصية و إنما يأتي وفق التغيرات التي تحدث في الواقع على شكل درجات ومراحل وهذا ما نراه من خلال مسيرة بناء الحياة وتطورها منذ بدئها حتى عصرنا وهذا البناء والتطور مستمر الى ما لا نهاية وبدون توقف وما سمعنا ونسمع من حرق للمراحل وصرخات شلع قلع ونحن وحدنا الذين نبني الحياة وغيرنا مخربون لا شك إنها صرخات أطفال متخلفة تنطلق من مصالحها الخاصة ومنافعها الذاتية فقط مهما كانت الشعارات التي ترفعها والنوايا التي تسعى لتحقيقها بل إنها وراء كل ما حدث ويحدث من خراب وتدمير وحروب وعنف في الحياة وذبح ومعانات وشقاء للإنسان وهكذا أثبت هؤلاء حالات مفاجئة وطارئة على الحياة ومحاولات معرقلة لمسيرتها وتطورها لكنها غير مؤثرة على مسيرةا لحياة كحالة النازية والفاشية والعنصرية والوهابية البدوية والسوفيتية والصدامية ومن على شاكلتها حالات طارئة خلقتها الصدفة وستنتهي بالصدفة وعلى يد من ساهم في صنعها لهذا يجب شطبها من تاريخ الحياة وعدم ذكرها.
لا شك ان التغيير التحرير الذي حدث في العراق بعد 2003 هيا واقع وظروف جديدة في صالح هذه المجموعات التي تسمي نفسها بالمدنية والعلمانية والديمقراطية وحتى الليبرالية كان المفروض بها ان توحد نفسها وتتفق على خطة على برنامج وتتحرك بموجب تلك الخطة وذلك البرنامج لدعم الديمقراطية وترسيخ جذورها في العقول وعلى أرض الواقع لكنها لم ترتفع الى مستوى شعاراتها بل انحطت الى الأسفل فتجزأت وتشرذمت وأخذت بعضها تتهم البعض بالخيانة والعمالة وبدأت تبحث عن مصالحها الفردية الخاصة وبالتالي أدى الى اضمحلالها وتلاشيها ولم يبق لها أي دور فعال في العملية السياسية السلمية التي بدأت بعد تحرير العراق.
من الطبيعي إن بناء العراق الديمقراطي التعددي ليس سهل يتطلب رفع مستوى الشعب الى مستوى الديمقراطية فالشعب الذي تسيطر عليه القيم والعادات والأعراف العشائرية البدوية وهذه مهمة وواجب هذه القوى لتحقيق أهدافها وشعاراتها المؤسف أنها فعلت العكس تماما من خلال مواقفها المضادة للمسيرة الديمقراطية ووقفت مع الجهات التي تعمل على إفشال الديمقراطية وأصبحت جزء من الحملة الإرهابية التي شنتها أعداء العراق آل سعود وكلابها القاعدة وداعش وغيرها في خارج العراق و جحوش وعبيد صدام في داخل العراق بل أصبحوا الغطاء لهذه الحملة الوحشية التي كان شعارها لا عراق لا عراقيون لا شيعة بعد اليوم حتى أصبحنا لا نفرق بين مدعي العلمانية والمدنية وحتى اليسارية وبين الدواعش الوهابية وجحوش وعبيد صدام حيث شكلوا تحالف واحد وهدف واحد.
https://telegram.me/buratha