عبد الخالق الفلاح ||
يواجه العراق مجموعة من المشاكل والازمات في ظل الحكومة الحالية للكاظمي واهمها الأزمة الاقتصادية الخانقة الحالية بعد هبوط أسعار النفط، مع تفشي وباء الكورونا والفساد بسبب الوضع السياسي الهش و عدم قدرة الدولة على فرض قبضتها على زمام الأمور وتواصل هيمنة جهات غير كفوءة على القرار السياسي والاقتصادي والتي خلقت من خلاله اقتصادا مريضا و أدى بدوره إلى تراجع كبير في نسبة الخدمات المقدمة للمواطن العراقي المتمثلة بعوامل الإنتاج كالكهرباء والماء والطرق وغيرها التي باتت مشاريعها بوّابة لنهب المال العام دون تنفيذها على الواقع عبر الشركات الوهميّة العائدة لشخصيّات متنفّذة تستولي على العقود بأسعار خياليّة وتبيعها في الباطن إلى مقاولين فاسدين اخرين بمبالغ وجهاتها بنوك دول اخرى ،مما ادت الى ارتفاع قياسي في ايقاف المشاريع التي بلغت الالاف وعدم معالجتها وارتفاع نسبة البطالة وخصوصا في شريحة الشباب، و التراجع في الحقل الاقتصادي وتوقف انتاج المعامل واحداث أزمة اجتماعية ألقت ظلالها على الأسر العراقية بحيث ازداد معدل الفقر إلى نسبة 20 % ليصبح إجمالي عدد الفقراء اليوم تقريباً 12 ملايين شخص.
العراق في سباق مع الزمن فلم يعد التقصير مبررا ولا التباطؤ يبقى مسكوت عليه والبيروقراطيّة واصلاح قانون الاستثمار وتعارضه مع قوانين أخرى قدر تعلقها بقدرة الدولة على السيطرة، إذ إن أي مستثمر أجنبي لا يستطيع الحصول على أي رخصة استثمارية من دون دفع إتاوات ورشاوى للأحزاب والوزارات، مما يؤدي إلى هروبهم بسبب عدم وجود أي ضمانات أو حماية للأموال التي ستنفق و تشريعات خاصة بعمل المصارف الأجنبية، وعدم وجود نظام مصرفي يسهل العمليات المصرفية وسوء إدارة صرف الأموال من قبل أشخاص يتركّز اهتمامهم على سرقة المال العام وتفضيل مصالحهم الحزبيّة على مصالح البلاد، ففي هذا الجو الملتهب لا تستطيع الجهات و القطاعات المستثمرة ( لا الشركات والدول الرصينة ) من حزم أمرها والعمل في العراق ما لم يتوافر وضع أمنيّ مستقرّ تستطيع من خلاله تحقيق أفضل النتائج ، وفي واقع الحال هناك شبكة من المشكلات المترابطة في حاجة إلى ضمانات وحلول فنية الأطر لا القرارات السياسيّة.
ولتجاوز تداعيات الوضع الاقتصادي والخدمي الهزيل واثارهه هو للانطلاق نحو تنفيذ مشاريع اقتصادية وتنموية تعيد الوجه الحقيقي له إلى مرحلة التعافي والنمو بالاعتماد على جهود رصينة صالحة ووطنية ، لا على الرهان والامل الذي يضعه رئيس مجلس الوزراء الكاظمي في بناء الدولة* " رغم أن العراقيين يدركون في كل مرة أن هذه الدعوات لا تكاد تجد لها تطبيقا على أرض الواقع؛ بسبب تضارب القوانين، فضلا عن الفساد والبيروقراطية الإدارية" وعلى جهود دولية هابطة المستوى في الاداء مثل مصر والاردن والتي لا شك انها سوف تصطدم بالفشل وهنا تجارب كبيرة يمكن الرجوع عليها وخاصة لمصر عند تنفيذ المشاريع في تصرف الأموال لمقاولين من دون تدقيق أصوليّ ليتمّ تقاسمها مع المسؤولين ، ومن اكبر تلك المشاريع هو مشروع قناة الجيش الذي تم وضع الحجر الأساس بتاريخ 7/4/2011 بطول 23.5 كيلو متر الذي يمتد من صدر القناة الى المصب على نهر ديالى (من قبل ممثل رئيس الوزراء وممثل أمين بغداد و حضور ممثل الشركة المصرية و الأردنية و ممثل القنصلية المصرية و قائد عمليات بغداد) كمشروع ترفيهي ضخم من شأنه تغيير وجه العاصمة بغداد و راود الكثير من سكانها حلم التنزه على جانبيه والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة ووسائل الترفيه المتعددة للأطفال والكبار على حد سواء والذي رسي على شركة المقاولين العرب بملايين من الدولارات مستلم نقداً وهو على حاله لحد الان وترك دون انجاز بنسبة تقدر40% رغم مرور اكثر من 11 عم على البدء به اثر خلافات واهية يمكن تجاوزها (عند حصول موجة الامطار نهاية سنة سنة 2012 وبداية سنة 2013 ، حصل تجمع لمياه الامطار في مناطق شرق بغداد فاتخذ قرار ابسط ما يقال عنه انه قرار ساذج و عاطفي وخاطيء وهو الموافقة على قيام الدوائر البلدية في شرق القناة بعمل منافذ باتجاه قناة الجيش لتسريع تصريف مياه الامطار ) واليوم تحول بالمحصلة إلى كابوس لسكان العاصمة وبات المشروع علامة أخرى للفساد وعلى انتشار النفايات وأكوام الأنقاض قرب المساكن الآهلة،
هناك نماذج اخرى مشابهة لها ".مثل اخر على ذلك مشروع هياكل المدارس الحديديّة، الّتي تمّ التّعاقد على إنجازها في 2008، ولم تكتمل بسبب ترك الشركة العراق حيث أتاحت لها علاقاتها مع المسؤولين عدم إكمال المشروع من دون محاسبة.
ان الاعتماد على القطاع الخاص الداخلي وقدرته امر مهم لتوفير المزيد من فرص العمل والتشغيل لمواجهة نسب ومعدلات الفقر والبطالة التي تتطلب من هذا القطاع القيام بدوره، لكن يتطلب من الحكومة جملة من الإجراءات والخطط التحفيزية القادرة على الدفع بالدوره لهذا الجانب وغيرها من جوانب التنمية الشمولية والمستدامة و من العوامل المهمة لاجتذاب التمويل الخاص وجود إطار تنظيمي واضح يُسهِّل الاستثمار ويُشجِّع عليه ومن الأمور التي تساهم في تنشيط الأعمال الاستثمارية، هي تقديم التسهيلات والحوافز للمستثمرين الذين يرغبون بإنشاء وتوسيع المشاريع الاستثمارية المختلفة، والذي يساهم بلا شك في تنشيط الاقتصاد ويحقق العديد من الأهداف والتي منها تحقيق بنية متطورة ومنفتحة ويجب أن تنطلق في مثل هذا الامر بوضع خطة واضحة المعالم ومحدّدة الأهداف والمراحل، وتكون مرنةً بما فيه الكفاية حتى تكون قادراً على التكيف مع أي طارئ أو تغيرات محتملة. و تتمكنَ من إيصال المحصلة النهائية الى المواطن، و يتم إنجازُ مراحله وفقاً للخطة المحدّدة.
لا شك أنّ امتلاكَ الخبرة في مجال ما واستثمارها لبناء اي مشروع يُعدُّ من أبرز العوامل التي تؤدي إلى نجاحِ الفكرة ، وقد لا تكون هذه الخبرة مكتملة الأركان في البداية، فغالباً ما يكون الدافع الرئيسي لأيّ رجل أعمال سليم للبدء بأي مشروع هو الطموح ثم الخبرة التي قد تكون متواضعةً، ومع بدء العمل يستمر هذه الخبرة في التعمق تدريجياً، وفي كل عمل ناجح تزداد درجة الخبرات منذ لحظة البدء بالتفكير في المشروع ،
و أبرز أسباب الإخفاق في العراق يتجسّد في رداءة المشاريع المُنجزة وعدم إتمام القسم الآخر منها و يعود إلى إسنادها بموجب عقود وهمية إلى شركات غير رصينة يديرها مقاولون يرتبطون بمسؤولين وسياسيّين فاسدين يهربون من العمل بمجرد استلام المبالغ المعينة لبدء العقد وهناك شبكة من المشكلات المترابطة في حاجة إلى حلول تتجاوز الأطر الفنيّة لتتحول الى القرارات السياسيّة المحاصصية في نسب الاموال وهنا يبداء التعقيد لتحقيق اي مفاضلة في العمل والانجاز وفي اكثر الاوقات تتوقف المشاريع عند هذه الحدود فتترك دون رجعة اليها .
https://telegram.me/buratha