✍ : د. عطور الموسوي ||
ذات صباح آذاري غائم عام 1991وقد نهضت مبكرا كعادتي لأجمع الماء في أوعية تغطي احتياجنا اليه طيلة اليوم، فقط في الصباح يأتي الماء وضعيفا ثم ينقطع، ولا كهرباء تجعل مضخة الماء تملأ خزانه أعلى الدار، وليس أمامنا الا الصبر الجميل وانتظار إكمال المهمة هذه وربما لساعات طوال.
طرق باب دارنا الصغير بقوة أرعبتني، زوجي وطفليّ ما زالوا نياما، وإذا بهم أزلام صدام ذوي البدلات الزيتوني وهم مسلحون.. فاجأتهم وأنا أفتح الباب بحجابي فأرتبك متحدثهم قائلا: أختي عدكم سلاح ؟!
قلت لهم : ماذا ؟؟ ومن أين لنا سلاح!!
فقال : لدينا أوامر بتفتيش كل الدور، هنا صاحت جارتي من دارها المقابل : أبو أولادك موجود؟ وقد أخذتها الحمية علي منهم، ووجدت جيراننا خارج دورهم بعد أن أنهوا التفتيش.
قلت : نعم عزيزتي، رحم الله والديك مازالوا نائمين .." احنا نغبش علمود المي"
دخلوا ثلاثة منهم فقلت: أمهلوني لأوقظهم كي لا يرتعبوا..فرد أحدهم بخشونة :" ليش يرتعبون إحنا نخوف" !!
قلت له أبدا فقط يصبحون بوجوهكم وانتم مسلحين ..لم يرضوا بذلك ودخل أحدهم قبلي فناديت زوجي بصوت عال: لا شيء تفتيش عن السلاح ..فنهض على الفور مذهولا سلموا عليه وكأنهم هم أهل الدار!!
فتشوا البيت كله، ولم يتركوا الثلاجة وفرن الطباخ وتحت الأريكة وخلف جهاز التلفاز، وبكل وقاحة فتحوا خزانة ملا بسنا وهنا وجدوا بندقية جعلت أحدهم يسحب سلاحه من مكانه ونادى صاحبهم الثالث، الا أنه خابوا فهي لعبة لولدي شابهت الحقيقية شكلا ولونا الا وزنها الخفيف لأنها من البلاستيك.. خلتهم خططوا للمكافأة التي ينالونها إن أدانونا بحيازة السلاح وربما تمنوا أن يعثروا عليه دون أي مبالاة لما يؤول اليه مصيرنا .
خرجوا خائبين ودون أي كلمة اعتذار للفوضى التي خلفوها، لم نتوقع منهم أبدا ونحن نعلم من هم، وانما دعونا الله أن ينتهي الأمر على خير ويكفينا شر تهمهم الجاهزة لكل عراقي بالعداء للحزب والثورة ولن يتوانوا عن اعتقاله .. فذلك الصباح ما كان صباح خير بتلك الوجوه المكفهرة.
المحافظات منتفضة وهم يضيقون الخناق على بغداد، كيف لا وهي العاصمة ومعقل حكومتهم، إنهم يخشون التحاقها بالانتفاضة وبذلك يسقط عرشهم المستبد، وتفننوا بشتى الأساليب ومنها تلك المداهمات القسرية .
https://telegram.me/buratha