✍ د. عطور الموسوي ||
حدثتني إحدى صديقاتي وهي طبيبة تعالج بعض جرحى أبطال الحشد الشعبي قائلة : بصعوبة كبيرة حبست عبرتي.. وتماسكت قدر الامكان أن لاتنهمر دموعي وانا أراه يرثي نفسه ذلك الشاب العشريني والأب اليافع لطفلين وقد غدى مقعدا بسبب شظايا أصابت عموده الفقري في الجبهة فشلت نصفه السفلي .
خاطبته هلّم يابطل وامتثل للعلاج الطبيعي وسترى أنك ستعود أفضل مما كنت .. فنظر الي نظرة المستغرب .. حقا أنا بطل ؟!
هل أنت تحديثني دكتورة ؟!
قلت ومن غيرك البطل ياشهم ياغيور ...
فانهار بالبكاء .. أدركت حينها انه قد اشتدت عليه الضغوط النفسية..
وفاجأني قائلا: لست بطلا بل مغفلا ..يلومني الناس اني ضحيت وضاع كل شئ هباء .. يقولون: هاهم من حررتموهم يتهمونكم بأنكم وجه من داعش ؟! ونسوا كيف كانت نساءهم تسبى من بلد الى بلد وتباع في سوق النخاسة ..
لقد خسرت يا صاح ..
تقول عبثا ذهبت محاولاتي لإقناعه بأن هؤلاء حالات نادرة والجميع يفخر بكم وبتضحياتكم ..لكنني في قرارة نفسي كنت على يقين أنه محق .. وتذكرت كيف نُعت هؤلاء الأبطال بالذيول وصار دمهم مهدورا بين عشية وضحاها ..
نعم نجح أعداء العراق حلفاء الارهاب بزعزعة الثقة بتلك النماذج الفريدة من المتطوعين للموت ..
هل سمع العالم بهكذا متطوعين يشترون الموت بكل رضا وقناعة ؟..
إنهم ذوي النفوس النقية والعقيدة الحقة التي لبت ذلك النداء المنبعث من زقاق النجف فهبوا منطلقين من أرياف وقصبات الجنوب ذاهلين عن الأهل والأبناء وواحدهم ربما لا يملك أجرة الوصول الى الموصل والانبار ..
ساقتهم حميتهم فسمعوا نداءا قادما من الف سنة ونيف : الا من ناصر ينصرني ؟!
وهتفوا عاليا وهم يموتون لبيك ياحسين ..وتبسموا وهم يلفظون آخر أنفاسهم فهم يعانقون أنصار الحسين عليه السلام ..
نعم حملتهم النعوش المغلّفة بالعلم العراقي وسارت بهم في شوارع العاصمة التي صارت ترفل بالأمان بسواعدهم الأبية .. ولربما وقفت سيارة نعشهم وسط زفة صاخبة لعريسين ..أو مسيرة حفل تخرج مزينة بالزهور والأغاني تصدح ابتهاجا بتحقيق الاحلام..
هم حققوا حلمهم ورضوا بخاتمة تتوق لها النفوس وتشتاق لها الأرواح إنها الشهادة ..
https://telegram.me/buratha