ضحى الخالدي ||
حين ترغب بالتقديم الى أي جامعة غربية في أوروبا، أو أميركا، تتصدر تسلسل الكليات: إدارة الأعمال والعلوم السياسية والاقتصاد والأدب واللغة والتأريخ والآثار والفلسفة والجغرافيا وعلم الاجتماع، وفي العراق تعتيم ممنهج على الدروس الانسانية (التأريخ، الجغرافيا، التربية الوطنية) في خطة مقصودة بدأت أيام النظام السابق بزرع فكرة أنها دروس كريهة وبلا نفع، وبتزوير النظام المقبور لكثير من حقائق التأريخ والوطنية، لكن هذا التزوير في ظل بيئة معارضة للنظام وإن بأضعف الإيمان كان يدفعنا للسؤال والبحث، سواءً همساً مع أهلنا، أو في بطون الكتب الممنوعة، وغير الممنوعة التي تبدّت من سطورها حقائق كثيرة عجز المزورون عن طمسها.
منذ ٢٠٠٣، وهناك تلخيص للمادة لا سيما التأريخ، ومن ثم دمج المواد الثلاثة بكتاب واحد أشبه بالكراس، وبعدها يصل الطالب في المرحلة المتوسطة الى كتاب يشمل جغرافيا كل محافظة عراقية بمعزل عن السبعة عشرة محافظة الأخرى، وأهم المواقع الآثارية فيها (تأريخ)، وسطرين عن الحرية وحقوق الانسان (تربية مدنية وليست وطنية)، واليوم تُستثنى الدروس الاجتماعية من امتحانات نصف السنة والكورس الأول، وقبلها ظهرت فتنة محاولة إلغاء درس التربية الإسلامية بحجة الكورونا ووقت الطلبة وجهدهم.
لينتج جيل لا يمتلك أبسط مقومات الثقافة التي تمثلها الدروس الاجتماعية، ويتحول الى آلة متعلمة غير مثقفة، لسبب بسيط هو أن هذه المواد تدفع معظم الطلبة الى البحث عن الكتب والمقالات ذات الصلة، إضافةً لكونها تغذيهم ببعض القواعد الأساسية.
نتج جيل حُذفت القضية الفلسطينية من تأريخه، بعد أن كان جيلنا يحفظ وعد بلفور (بالعربية)، جيل لا يعرف شيئاً عن الاستعمار، وحركات التحرر وحركات النهضة، جيل لا يعرف شيئاً عما يربطنا أكثر مما يفرقنا، جيل انفصالي النزعة لا يعرف أكثر من حدود محافظته، ولا يمتلك شعوراً بالمسؤولية إزاء قضايا الأمة، ويغذي ذلك قانون انتخابي يجعل الجيل لا يعرف أكثر من حدود القضاء الإداري الذي يسكن فيه. هذا إن أقيمت انتخابات
https://telegram.me/buratha