أمل هاني الياسري ||
رحلة حج وسلام جاءت لتعلن للبشرية، أن العلي الأعلى والسلام البارئ (عز وجل) خلق الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا، جاء البابا فرنسيس ليقول للعالم: إن العراق بلد الحضارات، ومهد الحرف والكلمة، والتآخي والتعايش، رغم أن هناك مَنْ حاول ويحاول هدم مروءته، وانتهاك حرمة ساكنيه، وكرامة أرضه وعرضه، لكن هذه الزيارة الكريمة أوضحت عمق الانتماء الوطني، لكل مكونات شعبنا في تلك اللحظات التأريخية، التي جمعت الحِبْر الأعظم وصمام الأمان (السيد السيستاني) والحَبْر الأعظم (البابا فرنسيس).
لقد أوجدت هذه الزيارة، علامة فارقة في تأريخ العراق الحديث، فهي تعد جرعة إنسانية كبيرة، تؤشر محامد تنوعنا الديني، والمذهبي، والقومي، لا عكس ما يظنه المتصيدون في الماء العكر، بأنها نقطة خلاف وتصدع، ثم أن زيارة البابا فرنسيس لسماحة السيد السيستاني (دام ظله الوارف) في بيته في النجف الأشرف، تدل على التأثير الإيجابي الذي صُنِعَ عند الآخرين، عن الإعتدال والتواضع، والمساواة والتسامح في الإسلام، وإشاعة الأمن والطمأنينة، عند العراقيين بكافة مكوناتهم.
دعا النبي عيسى (عليه السلام)الى الرحمة والمحبة، ونصرة الفقير والمظلوم، والإرتباط بطريق الله (عز وجل)وأيضاً ما دعا إليه النبي محمد (صلواته تعالى عليه وعلى آله) فهو رحمة للبشرية جمعاء، بكل طوائفهم، ومكوناتهم، وأعراقهم، وأديانهم، وعليه فالمنبع واحد والأهداف واحدة، بأن يعيش العالم سلاماً وأماناً دائمين، وألا يجعلوا للشيطان عليهم من سبيل، وذلك هو الإرث الإبراهيمي الموحد في الإيمان، بأن الدين يحفظ كرامة الإنسان، وأن هناك فرقاً كبيراً بين مَنْ يدعو للإعتدال والتعايش وبين مَنْ يدعو للتطرف والتفرقة.
بين سفينة أماننا وسكينة زعيم مرجعيتنا، وبين الحبور والسرور للبابا، هناك مشاعر قداسة إنسانية، تتأجج في النفوس النقية والضمائر التقية، لتستشعر معها بأنك على طريق الصواب، وأن جلوس زعيم الطائفة الشيعية والطائفة المسيحية، ما هو إلا حلقة للتواصل الإنساني المعتدل، وهي دعوة لنبذ لغة الحرب، والعنف في عالمنا اليوم، وتغليب جانب الحكمة والعقل، والإستعداد العالمي للإصلاح، فطوبى للمتسامحين، والمعتدلين، والصابرين، حين يمنحون الإنسان حيوية وثباتاً، وصلابة وصبراً، ليعيش في الأرض بأمن وأمان وسلام.
*الحَبْر: المسرور والمكرم أما الحِبْر: ما يكتب به مِنْ علم عميق*
https://telegram.me/buratha