د. نعمه العبادي ||
انجز البابا فرنسيس أهم فقرتين من زيارته، وهما زيارة النجف الاشرف وأور التاريخية، ومع استمرار الجدل وسيل التعليقات والتحليلات، واختلاف وجهات النظر عن الزيارة، استكمل ما قدمته بشأن الزيارة في الآتي:
١- اعيد التاكيد على ان البابا شخصية سياسية ودينية في آن واحد، ولديه جهاز حكومي مؤسسي عريق ومتقدم، ويملك مؤسسة استخبارية عالية الخبرة والتدريب، وله صلة بفريق محللين من اكبر المحليين بالعالم، كما انه يستمزج الرأي من مشورة دول وجهات ترتبطه به دينياً وسياسياً، لذا، فإن حدث مهم مثل هذه الزيارة، تم التفكير والتخطيط له وحساب كل شيء لجهة مصالح وغايات تعنيه، وتعني الاطراف التي تخصه في كل بقاع العالم بشكل دقيق ومبرمج ومن وجهات نظر شاملة ومتنوعة.
٢- ان الرجل ورائه أطراف وشخصيات واجهزة تعمل معه وتشاركه ادارة هذه المؤسسة، لذا، فهو معني بهم اكثر من كونه معني بأطراف اخرى، ولن نتوقع منه رفع سقوف الاحاديث والمواقف اكبر واكثر مما يتناسب مع التوجه الديني والسياسي الذي ينتمي له، ومن باب التذكير المفيد الاشارة إلى ان امريكا اليوم في ظل رئاسة ديمقراطية كاثوليكية.
٣- كثر الحديث عن الشكل والمظهر الذي ظهرت به زيارة النجف الاشرف، ومنها عدم حضور شخصيات سياسية وكذلك بعض التفاصيل، والقول الفصل في ذلك، ان المنطق والبروتكول يقتضي عدم حضور اي شخصيات حكومية وسياسية فهم غير معنيين بالزيارة وحتى محافظ النجف، فهو معني بالتفاصيل ما قبل الزيارة، وأما مكتب السيد السيستاني فقد مارسوا انضباط عالي في التعاطي مع الزيارة، وكان كل شيء يتضمن رسالته الخاصة، لذلك لم يكن خارج سور البيت غير السيد حامد الخفاف، فضلا عن الصور التي خرجت عن الزيارة، وكلها رسائل دقيقة حددت المدى المنظور للزيارة من وجهة نظرهم، وما ينبغي طرحه في اطار الاعتراف.
٤- توقع الكثير ان تكون للبابا زيارة لضريح الامام علي عليه السلام كتحصيل حاصل، خصوصاً وان الادبيات الكاثوليكية تحمل صورة مهمة ومنصفة عن الامام، وتتحدث عن عدله، ولكن الرجل لم ينبس ببنت شفه بخصوص زيارة المرقد، وحتى لم يتحرك خطوات من باب الفضول لرؤية هذا المحل الذي هو أهم وأقدس بقعة في العراق، وكل هذا التصرف تم ضبطه في اطار رؤية دينية وسياسية ومصلحية تتعلق بالمصالح والغايات.
٥- كان التصور المتداول عن طبيعة الطقوس والخطاب الذي تم في مدينة أور اكبر بكثير مما تم بشكل عملي، وكان المنطلق ينظر إلى الامر على وزان الزيارات الدينية في المنظور الشيعي إلا ان الامر ليس كذلك، فالقضية تتعلق بالتواجد في المكان بلحظة زمنية محددة، وتثبيت الصلة به، وتدخل هي الاخرى في غاية الاعتراف ومتعلقاته.
٦- من المهم التأكيد، ان الاستحقاق الاهم للدولة العراقية يتعلق في الاستثمار الواعي لهذه الزيارة بغض النظر عما تم ذكره، وان الكثير من الفعاليات والاوضاع ساهمت في تصحيح بعض الصور النمطية عن البلاد، كما ان اهدافاً تتعلق بالسياحة وجدت لها موضعاً فيها، لكن الاهم من كل ذلك، هو المصالح المرتبطة باحاديث القوة الناعمة، وتوظيف المكانة الحيوية وارتباط المصالح مع اطراف معنية بالبابا، وهذا هو الاختبار الاصعب للدولة العراقية.
٧- من المبرر جدا والمقبول مشاعر المسيحيين الكاثوليك في العراق والعالم حول هذه الزيارة، ولهم الحق في التصرف والتعبير عن الزيارة من منطلقهم الديني.
٨- اعتقد اننا نحتاج لتقييم مؤسسي شامل لهذا الحدث ومن زوايا مختلفة بعد نهاية الزيارة.
https://telegram.me/buratha