المقالات

كيف (٣)..!


 

محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

يبدأ الطريق نحو تغيير المجتمع واصلاح احواله السياسية والاقتصادية وصولا الى الدولة الحضارية الحديثة بشروع "النخبة المبدعة" بزرع بذور النهضة في المجتمع  والترويج لفكرة الدولة الحضارية الحديثة وتوسيع نطاق الرغبة الشعبية بها وصيرورتها هدفا اعلى يسعى اليه المجتمع في حركته التاريخية.

شهدت فرنسا مثلا نموذجا لهذا التغيير من خلال قيام الافراد البارزين في الاقلية المبدعة بزرع بذور النهضة في اذهان الناس. وهذا ما قام به مثلا جان جاك روسو  (١٧١٢-١٧٧٨) الذي نشر كتابه الشهير "العقد الاجتماعي" عام ١٧٦٢، او مونتسكيو (١٦٨٩-١٧٥٥)، الذي طبع كتابه المهم "روح الشرائع" او "روح القوانين" عام ١٧٤٨، وهما الكتابان اللذان اصبحا، اضافة الى مساهمات اخرى، اناجيل الثورة الفرنسية عام ١٧٨٩. ليس من الضروري في العراق ان نسير بنفس الطريق الفكري- الثوري الذي سار عليه المجتمع الفرنسي صوب دولته الحضارية الحديثة. وذلك بسبب اختلاف ظروف المجتمع العراقي الحالية عن ظروف المجتمع الفرنسي انذاك. وتوفر اليات تغيير ممكنة في العراق لم تكن متوفرة في فرنسا، واعني بذلك الية الانتخابات. فمهما قيل عن سلبياتها، وفي مقدمة ذلك التزوير والفساد والمال السياسي والعشائريات، فانها تبقى الية اقل كلفة من الالية الثورية التي اتبعها المجتمع الفرنسي.

وبناء على هذا فقد يكون من الممكن السير في طريق اخر هو الطريق الفكري-البرلماني. ويسير هذا الطريق بخطين متوازيين هما:

الاول، الخط الفكري الذي يتضمن ما تقوم به الاقلية الواعية من خلال نشر الوعي السياسي الحضاري المستمر بين الناس باستخدام مختلف الوسائل المتاحة. وقد يستغرق هذا وقتا، لكنه قد يكون اقل من الوقت الذي استغرقه مونتسكيو وروسو، لكنه ضروري لجعل الخط الثاني ممكنا. ويستهدف هذا الخط توسيع نطاق المواطنين المؤمنين بفكرة الدولة الحضارية الحديثة، و جعلها واضحة في اذهان المواطنين وبخاصة الذين سوف يشاركون في الانتخابات ترشيحا او تصويتا.

الثاني، المشاركة التدريجية في الانتخابات، بعد التأكد من تحقق مخرجات الخط الاول، بغية الوصول التدريجي الى مؤسسات الدولة في البرلمان او الحكومة او غيرهما من مواقع التأثير والتغيير التربوي والتشريعي والتنفيذي.  وهنا يتعين على الاقلية المبدعة وقاعدتها الشعبية عدم خوض الانتخابات من خلال تنظيم انتخابي وحيد من بين ٢٠٠ تنظيم اخر، لان خوض الانتخابات بهذه الطريقة لن يحقق الفوز المقبول، انما يجب خوض الانتخابات بطريقة ذكية smart تتضمن توحيد كل الراغبين في التغيير والاصلاح في تنظيم انتخابي كبير يستطيع ان يفوز بعدد كبير ملموس ومؤثر من المقاعد البرلمانية. وقد اقترحتُ في مقالة سابقة قياسات عددية لمعرفة حجوم الاحزاب العراقية، تضمن القياسات التالية:

اولا، الحزب الكبير  وهو الحزب الذي يملك اغلبية مطلقة مؤلفة من  ١٦٥ نائبا.

ثانيا، الحزب المتوسط الحجم، وهو الحزب الذي يملك حوالي ثلث عدد مقاعد البرلمان اي ١٠٠ نائب.

ثالثا، الحزب الصغير، الذي يملك نصف العدد المتبقي من المقاعد النيابية، اي ٣٢ مقعدا.

رابعا،  الحزب الصغير جدا، وهو الحزب الذي يملك نصف المقاعد المتبقية، اي ١٦ مقعدا.

خامسا، الحزب المجهري الذي لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، ويملك ٨ مقاعد فقط.

وبناء على هذه القياسات فيجب ان يكون طموح الاقلية المبدعة وقاعدتها الشعبية الحصول على موقع الحزب الكبير في البرلمان. ولما كان تحقيق هذا الهدف غير ممكن من الناحية العملية في الانتخابات المقبلة، فيجب العمل على تحقيق ذلك على مرحلتين في انتخابات عام ٢٠٢٥ وانتخابات عام ٢٠٢٩.

فاذا ما تحقق ذلك، يستكمل الحديث حول الخطوات الاجرائية لاقامة الدولة الحضارية الحديثة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك