قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com ||
فكرة بيع أصول الدولة، تكشف عن عدم قدرة الحكومة، على الحصول على موارد للاستثمار المحلي، بسبب العجز في الموازنة، وهو ما يدفعها للاتجاه لبيع أصول الدولة.
دعونا نقارب ما تسرب عن نيتها؛ ببيع أصول الدولة مقاربة عقلائية، نبحث فيها عن النوايا السليمة أولا؛ نستنفدها على قاعدة إحمل أخاك على سبعين محمل، هذا إذا افترضنا جزافا أن الحكومة أخ لنا، وهي ليست كذلك على كل حال!
العراق شأنه شأن كثير من الدول، يعاني من ضائقة اقتصادية ومشكلات مالية، بسبب تداعيات التباطؤ الاقتصادي العالمي، الناجم عن ارتدادات جائحة كورونا، وانعكاسها على أسعار البترول الخام، الذي يشكل مصدر الدخل العراقي شبه الأوحد، فضلا عن أن العراق منذ أكثر من سبعين عاما؛ لا يمتلك رؤية اقتصادية منتجة، الأمر الذي أفضى الى ان نتحول الى بلد من بلدان العالم ما قبل الثالث، مع امتلاكنا ثروات هائلة لم نفلح في اسثمارها، وكنا كالذي أعطاه الله جوزا، وهو لا يمتلك أسنانا!
لكن الصحيح قبل ذلك، هو أن العراق ليس بلدا مفلسا، كي يكون مضطرا لبيع بعض أصوله، فلماذا هذا التوجه، ومن يقف وراءه، وما هي مبرراته؟!
إبتداءً؛ فإن "أصول الدولة" ليست ملكا للحكومة ولا حتى للدولة، بل هي ملك للشعب، الذي وبموجب الدستور، وهو العقد القائم بينه وبين الدولة، أوكل الى الدولة مهمة إدارة ممتلكاته، وعقلائيا فإن توكيل "الإدارة"، لا يبيح للموكل اليه التصرف بما أوكل به، تصرفا لمصلحته، أو يؤدي الى خسارة فادحة، كما هو متوقع من عملية بيع أصول الدولة، التي تنوي الحكومة القيام بها.
المسألة الثانية: إن مجرد عملية بيع بعض ممتلكات الشعب، حتى ولو أنها متعطلة أو غير مستثمرة حاليا، فإنها ستكون نقطة البداية لبيع أصول أخرى، بما فيها أنفسنا، فى ظل التقصير المفرط بقيام الحكومة بتنمية الأصول، والمحافظة عليها واستثمارها الاستثمار الأمثل.
المسألة الثالثة: إن الخصخصة هي المعنى الحقيقي لبيع أصول الدولة، ودروس الخصخصة السابقة، وخصوصا تلك التي قام بها نظام البعث الصدامي، وبيعه شركات القطاع العام الى أزلامه، تبين بوضوح أن هذا النهج؛ أدى إلى تراجع اقتصاد الدولة، وخسارتها ما أوكل إليها إدارته، وتتذكرون كيف كنا نعيش وماذا كنا نأكل، بسبب تلك الإجراءات اللامسؤولة؛ لذلك فإن الضرورة تقتضي؛ إيقاف قيام الحكومة بإجراءات لا يمكن الرجوع عنها، ولا تحمد عقباها، لأن المباع بيعا نهائيا؛ لا يرجع وهي قاعدة متعارف عليها في الاقتصاد.
المسألة الرابعة: كحلول للأزمة الاقتصادية الراهنة، ثمة افتراضات كثيرة، يتعين على الحكومة الإصغاء اليها، قبل أن تبيع العراق، منها أن تلجأ إلى نظام المشاركة بدلا من البيع، أو منح "حق الانتفاع" لمدد زمنية محددة، ففي ذلك ضمان لاستمرار الأراضى والعقارات مملوكة للشعب، ولا نفقدها إلى الأبد، وهذا مقترح عملي يوفر الموارد اللازمة لإعادة هيكلة الشركات والمؤسسات الخاسرة.
المسألة الخامسة: إن الاتجاه لبيع أصول الدولة، إنما تلجأ إليه الدول في حالة الفشل؛ وعدم القدرة على زيادة الناتج المحلي، الذي من شأنه أن يسد العجز في الموازنة ويُنعش الاقتصاد.
المسألة السادسة: واسترجاعا لكل ما قامت به الدولة العراقية الحديثة، منذ تأسيسها لغاية اليوم، فإن قيامها ببيع أصول الدولة للمستثمرين، لا يعود بالنفع على المواطن العراقي بأي حصيلة، وأن الاتجاه للخصخصة قد سمح للفساد أن يستشري في الجسد العراقي، لأن الأصول التي بيعت والتي ستباع، إنما ستباع بتراب الفلوس، الأمر الذي يحرم الدولة من أموال طائلة؛ كان يمكن أن تعود عليها بالنفع، في حال تم البيع بأثمانها الحقيقية، ومن المؤكد أن البيع بالقيمة الحقيقية لم يحصل ولن يحصل أبدا، وسيتم البيع الى شعيط ومعيط وجرار الخيط، من المحازيب والمحاسيب والمناسيب!!
المسألة السابعة: إن الحكومة ليس من حقها، التصرف في مقدرات وموارد الدولة تصرفا مطلقا، وإن كان متاحاً لها التصرف في الموارد التالفة، أو تلك التي بها إهلاك، كما ان لها مشاركة المشروعات مع المستثمرين الأجانب حصرا، وبشرط استجلاب اسثمارات خارجية وتكنولوجيا متقدمة، بدون سيطرة الأجانب بالكامل، على قاعدة أن يد العراقيين هي الأعلى، وبشرط قبول ممثلي الشعب في البرلمان.
المسألة الثامنة وهي الخلاصة: إن اسعار البترول عادت اليوم للانتعاش، والبرميل لامس 63 دولارا، ولكن "الجماعة التشرينية" مصرة على بيع العراق ونهبه، ومن يسعى لبيعه سيفعل فعلته ويرحل بالجمل بما حمل، وسيعود بالغنيمة من حيث أتى في 2003، وصلت الفكرة مو لو مو مو؟!
https://telegram.me/buratha